اختبار الجيل السادس الجديد من مازيراتي كواتروبورتي

تقرير واختبار م. احمد عمار / باليرمو - جزيرة صقلية - ايطاليا 

تأسّست شركة مازيراتي الإيطالية منذ أكثر من 100 عام، وتحديدا عام 1914 على يد ألفيري مازيراتي مع دعم إخوته الخمسة، لتكون من حينها أحد أهم الشركات في عالم السباقات، ولتثبت لشركات مثل فيراري ومرسيدس بنز وألفا روميو أنها قادرة على المنافسة وقادرة على بناء سيارات سباقات متميزة قادرة على اعتلاء منصات تتويج السباقات وقادرة على هزيمة سيارتهم! لتكون أحد أهم وأقوى الصانعين المشتركين في مختلف أنواع السباقات ليستمر هذا العصر الذهبي حتى خرجت رسميًّا من منافسة الصانعين عام 1957 إثر الحادث التراجيدي الذي حدث ضمن سباق ميلي ميليا، لتقدم الشركة من حينها خدمة تجهيز وبناء سيارات السباقات للعملاء بصورة خاصة، ولتتباطأ وتيرة تميّز ونجاح الشركة في عالم السباقات مع تزايد الضغوط وقلة الموارد المالية.

مازيراتي شركة لها إرث تاريخي غني ومهم ضمن عالم السباقات والسيارات الرياضية، وهذا واضح هذه الأيام من مستوى سيارتها وروحها الخاصة.. ولكننا يجب أن نعلم أن هذا المستوى كان "محجمًا" بصورة مؤلمة عبر التاريخ، إذ مرّت الشركة بالكثير من الأزمات وانتقلت بين أيادي الكثير من الملاك.. لتؤثر عملية عدم الاستقرار على تأخر مازيراتي من وجهة نظري، فهذه الشركة كانت مِن المفترض أن تكون ضمن أفضل وأهم شركات صناعة السيارات الرياضية على الإطلاق.. كان من المفترض أن تكون أفضل وأكثر قوة واستقرارًا، وكان من المفترض أن يكون مستوى سيارتها متفوقًا، يمكن أن يكون متوفقًا على سيارات فيراري وليس في مرتبة ثانية من بعدها! لكن الظروف تغيّرت ومازيراتي قادمة!

دعونا الآن ننتقل إلى السيارة التي حظظنا بتجربتها على طريق سباق تارجا فلوريو الإيطالي الشهير في جزيرة صقلية الإيطالية.. النسخة المحسّنة من الجيل السادس الأخير لطراز كواتروبورتي السيدان الرياضي الذي قدّمته الشركة لأول مرة عام 1963.. طراز سيدان فخم ومترف بمحرك رياضي معدّ للاستخدام في سيارات السباقات الرياضية الاحترافية، ليقدّم الجيل الأول بمحركين من ثماني أسطوانات، أحدهما بسعة 4.1 لتر والآخر بسعة 4.7 لترات بقوة 290 حصانًا.. لتسطيع نسخة كواتروبورتي الأصلية المزوّدة بالمحرك الأكبر الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 255 كم/ساعة لتحصل في وقت تقديمها على لقب "السيدان الأسرع في العالم"، ليصبح هذا الطراز المهم في تاريخ مازيراتي الأول في فئته على الإطلاق وحامل لواء التميّز للشركة الإيطالية ذات عمر الـ102 عام.

اختلافات خارجية بسيطة.. لكن فعّالة لنسخة عام 2016 من كواتروبورتي

أتت النسخة المحسّنة الجديدة من الجيل السادس لكواتروبورتي بتحديثات بسيطة ولكن مهمة على الجسم الخارجي، لتتمثّل أهم الفروقات في الصدام الأمامي الجديد الذي تتوسّطه شبكة التهوية الكبيرة الجديدة المستخدمة مسبقًا في طراز ليفانتي الجديد كليًّا، مع اعتماد فتحات تهوية أوتوماتيكية تفتح وتغلق بصورة مدروسة ستحسّن من الأيروديناميكية، ليتحسّن معامل سحب الهواء بنسبة 10% مما يساعد على تقليل استهلاك الوقود عند استخدام السيارة على الطرق السريعة بنسبة تصل إلى 3% مع توفير تبريد أفضل للمحرك.

نالت أيضا الزوائد الجانبية للسيارة والمرايا الجانبية تحسينات تصميمية لتحسين أيروديناميكية السيارة بصورة فعالة على حسب زعم الشركة.

كواتروبورتي.. رشيقة وقوية وجاهزة لمنافسة الألمان!

يأتي الجيل السادس من كواتروبورتي في العموم بتصميم هندسي يعتمد بصورة أساسية على مادة الألومنيوم، سواء في تصنيع الهيكل أو الجسم الخارجي أو حتى نظام التعليق، ليتم تقليل وزن النسخ المحسّنة الجديدة المزودة بالمحركات ذات الست أسطوانات من كواتروبورتي بمقدار 40 كجم، ويزيد مقدار تخفيض الوزن في نسخة GTS ذات المحرك المكون من ثماني أسطوانات ليصل إلى 95 كجم، هذا مع توزيع مثالي لنسبة الوزن بين مقدمة ومؤخرة السيارة لتبلغ 50% للمقدمة و50% للمؤخرة.

الاستخدام المكثّف لسبائك الألومنيوم خفيف الوزن في بناء السيارة جاء بالتوازي مع استخدام سبائك الحديد الصلب ذي المقاومة العالية للالتواء، لضمان أعلى معدلات القساوة، هذا مع استخدام مواد ممتازة وباهظة الثمن في جسم كواتروبورتي أيضا، لنجد على سبيل المثال الماغنيسيوم في تكوين قواعد تثبيت شريط الأدوات الأمامي.

فئتان جديدتان من التجهيزات الخاصة للغاية لكواتروبورتي

وفّرت مازيراتي فئتين جديدتين من التجهيزات الخاصة والحصرية لكواتروبورتي وهما Gran Lusso وGran sport، لتختص المجموعة الأولى في إضافة روح فخمة ومترفة، مع تخصيص الفئة الثانية لإضافة روح أكثر رياضة للموديل العريق.

تتضمّن مجموعة تجهيزات Gran Lusso تشطيبات الكروم للصادم الأمامي مع توفير جناح خلفي أنيق يأتي بنفس لون السيارة وإطارات معدنية رياضية بقياس 20 بوصة من فئة Mercurio بدلًا من الإطارات القياسية ذات قياس الـ19 بوصة، هذا مع طلاء ملاقط المكابح بلون أسود أنيق.

هذا وتتمثّل أهم التجهيزات الحصرية لمجموعة Gran Lusso في المقصورة الممهورة بإمضاء بيت الأزياء الإيطالي الفاخر Ermeneglildo Zegna الذي يوفّر مزيجًا أنيقًا وفاخرًا من الجلود الطبيعية والحرير المستخدَم بصورة حصرية وخاصة للغاية، لنجد استخدام الحرير في المقاعد والأبواب ومخادع الرأس، هذا مع تطعيم شريط الأدوات الأمامي بالخشب الطبيعي من فئة Open Pore Radica، وأخيرًا عجلة القيادة متعددة الاستخدامات المكسوة بالجلد الطبيعي الفاخر والليّن.

بالنسبة إلى مجموعة تجهيزات Gran Sport فتشمل العديد من التجهيزات الحصرية التي مِن شأنها رفع سقف الروح الرياضية لهذا الطراز، لنجد خيار الإطارات المعدنية ذات قياس 21 بوصة من فئة Taitano مع طلاء ملاقط المكابح Brake calipers بلون أحمر، وتزيين شعار الشوكة الثلاثية الخاصة بمازيراتي بلون أزرق خاص ومميّز، لنجد الشعار الأزرق على مقدمة السيارة وعلى الإطارات المعدنية، هذا مع إمكانية طلب فتحات التهوئة الأمامية بلون أسود لامع.

لا تقف الاختلافات والتجهيزات الخاصة لمجموعة Gran sport على ذلك، إذ تشمل أهم التجهيزات المقاعد الرياضية الأمامية والخلفية بتصميم يضمن أفضل وضعية جلوس في أثناء القيادة الرياضية العنيفة لكواتروبورتي! كما نجد عجلة القيادة الرياضية المزينة بالألياف الكربونية السوداء ذات المظهر الرياضي الغني للغاية، التي تستطيع بالمناسبة طلبها في تغطية مقابض الأبواب وتزيين الصادم الأمامي ودعامات السقف الخلفية "القوائم".

تشمل أيضا مجموعة تجهيزات Gran Sport الأخشاب الطبيعية السوداء اللامعة في تزيين شريط الأدوات الأمامي، وعتلات نقل السرعات في عجلة القيادة الآتية من الألومنيوم اللامع، وأخيرًا بدالات الوقود والمكابح الآتية من الستانلس ستيل.

مجموعة مهمة من التجهيزات الترفيهية كواتروبورتي

يزوّد هذا الطراز بالجيل الأحدث من نظام التحكم وعرض المعلومات الخاص بمازيراتي المسمّى بـMTC + الذي يأتي بشاشة عرض بيانات عالية الدقة تعمل باللمس قياس 8.4 بوصات المربوطة بوحدة تحكم دائرية جديدة سهلة الاستخدام.. مع توفير أنظمة Apple Carplay وAndroid auto smart phone لربط الهواتف المحمولة بالسيارة بجانب مخارج توصيل من فئة USB وAUX ونظام الربط اللاسلكي Bluetooth، وأخيرًا نظام قراءة الكروت من فئة SD، كما يوجد نظام SIRI smart personal assist الذي سيساعدك في التحكم عبر الأوامر الصوتية في هاتفك المحمول المربوط بالسيارة.

تزوّد طرازات كواتروبورتي بصورة قياسية بنظام صوتي ترفيهي احترافي من Harman Kardon يأتي بقدرة 900 واط وموصل بعشرة مكبرات للصوت ومضخم للصوت Subwoofer، مع توفير نظام صوتي أكثر قوة وحصرية من Bowers & Wilkins يأتي بـ15 مكبرًا للصوت بقدرة 1280 واطّا من مضخمات للصوت subwoofers في الأبواب الأربعة.

تتوفّر أيضا لكواتروبورتي وحدة إعادة إشارات الإنترنت لتوفير خدمة WIFI لركاب السيارة كتجهيز اختياري مع توفير أيضًا أنظمة الترفيه لركاب الصف الخلفي الذين سيحصلون على شاشات عرض بقياس 10.2 بوصة، مع إمكانية توصيل أجهزتهم المحمولة الخاصة وتشغيل ملفات الفيديو أو الصوتية الخاصة بهم.

يتوفّر لكواتروبورتي نظامان للتحكم في الطقس، إذ يأتي الأول مزدوج المناطق Dual zone يأتي بـ13 فتحة لتوزيع الهواء، منها 4 فتحات لركاب الصف الخلفي، هذا مع توفير نظام التحكم في الطقس رباعي المناطق كتجهيز اختياري لفئة Gran Lusso الأعلى في التجيهز، مع العلم بأن جميع أنظمة التحكم في الطقس لمازيراتي تأتي بمجموعة من الحساسات الموزّعة بعناية داخل المقصورة لضمان أفضل تجاوب وأداء للنظام.

6 ملايين كيلومتر من الاختبارات القاسية لمازيراتي كواتروبورتي

لتضمن مازيراتي أعلى معدلات الجودة والأمان وطول عمر التشغيل لكواتروبورتي، تم تكوين أسطول من 90 سيارة من هذا الطراز لاختباره في أقصى ظروف التشغيل ولمسافات طويلة للغاية، ليتم إخضاعه لأعلى درجات الحرارة في جنوب إفريقيا ولأقل درجات الحرارة في السويد ونيوزيلندا، ليقطع هذا الأسطول مسافة مجتمعةً تزيد على 6 ملايين كيلومتر، هذا مع اختبار كل مكون على حدة قبل استخدامه في السيارة في الأساس.

لم تقف الاختبارات لضمان كواتروبورتي في مرحلة الاختبارات السابقة لمرحلة التصنيع فقط، ففي مصنع الشركة في بلدة Grugliasco القريبة من تورين، تقوم مازيراتي بتوفير 700 جهاز للكشف والاختبار لكل سيارة في أثناء عملية التصنيع، وبعدها تخضع كل سيارة لـ30 دقيقة كاملة للكشف العام، قبل أن تتم قيادة السيارة واختبارها فعليًّا على الطرقات لمسافة 40 كم قبل شحن السيارات إلى أصحابها المحظوظين.

تطويرات مهمة على محركات كواتروبورتي المصمّمة والمصنّعة بالتعاون مع فيراري!

الكثيرون لا يعرفون أن المحركات المقدّمة في طرازات مازيراتي بصفة عامة هي محركات مصنّعة في مصانع محركات شركة فيراري في إيطاليا، مع العلم أن التصميم الهندسي والمواصفات الفنية تمت ما بين فيراري ومازيراتي، فعلاقة التعاون ما بين مازيراتي وفيراري قديمة وعريقة ومستمرة على الرغم من خروج فيراري من تحالف فيات كرايسلر FCA.

وفّرت مازيراتي للنسخة المحسنة الجديدة من كواتروبورتي بجيلها السادس، نسخًا مطورة من محركاتها المشحونة توربينيًّا، سواء المكونة من ست أسطوانات V6 أو ثماني أسطوانات V8، لتأتي النسخ الجديدة بكفاءة تشغيل أعلى ومطابقة لمواصفات الانبعاثات الأوروبية من المستوى السادس EURO 6، لترتقي بذلك من المستوى الخامس إلى جيل المحركات السابق، ولتصل نسبة الانبعاثات الملوثة للبيئة إلى 12% في المحرك ذي الثماني أسطوانات V8 مع استهلاك أقل للوقود بطبيعة الحال.

توفّر مازيراتي لكواتروبورتي محركيْن أساسيين يعملان بالوقود البنزيني وهما مدعومان بأنظمة الشحن التوربيني للهواء ونظام الحقن المباشر للوقود وأنظمة التبريد الداخلي للهواء المزدوجة، أحدهما من ست أسطوانات V6 بسعة 3 لترات و24 صمامًا ليأتي بنسختين مختلفتَي القوة ليبلغ قوة 350 حصانًا مع 500 نيوتن-متر للعزم الأقصى للدوران للنسخة الأساسية من كواتروبورتي و410 أحصنة مع 550 نيوتن-متر لنسخ S وS Q4، مع العلم أنه يتوفّر 90% من عزم الدوران بوصول المحرك إلى 1600 دورة في الدقيقة.. أما المحرك الثاني الأقوى فيأتي من ثماني أسطوانات V8 وسعة 3.8 لترات إذ يقدر على استخراج قوة 530 حصانًا و650 نيوتن-متر للعزم الأقصى للدوران (720 نيوتن-متر مع تفعيل خاصية Over boost)، ويُوفّر لنسخة GTS من كواتروبورتي.

جدير بالذكر أن كلا المحركين المكونين من ست وثماني أسطوانات يشترك في أغلب المكونات الداخلية للمحرك وقطر أسطوانات المحرك ونفس الشواحن التوربينية مزدوجة مخارج التوصيل Twin scroll العاملة بتقنية التغير الحجمي VGT "Variable geometry turbochargers"، وتقنية Ball bearing لتسريع عملية الدوران لتحسين التجاوب، كما يأتي كلا المحركين بنفس تقنية التحكم المتغيرة لعمل الصمامات ونفس مواد وتقنيات التصنيع لبلوك المحرك المصنّع من الألومنيوم، مع العلم أن كلا المحركين يختلف في نسبة الانضغاط الداخلية والقدرة على الدوران.. ليستطيع المحرك ذو الست أسطوانات من الوصول إلى 6500 دورة في الدقيقة مع بلوغ نسبة انضغاطه الداخلية إلى 9.7:1، أما المحرك ذو الثماني أسطوانات والـ32 صمامًا فيستطيع الوصول إلى 7200 دورة في الدقيقة، وتقل نسبة انضغاطه الداخلية إلى 9.5:1، لذا فنحن ننصح عملاء هذه الطرازات في مصر باستخدام أفضل أنواع الوقود المتوفّر في السوق وهو الوقود ذو أوكتان 95.

أنظمة الدعم والتعزيز الجديدة للقيادة في مازيراتي كواتروبورتي

دعمت مازيراتي النسخة المحسّنة الجديدة من كواتروبورتي بالعديد من أنظمة دعم وتعزيز القيادة الجديدة التي يمكن أن يكون تزويدها جاء "متأخرًا" نوعًا ما لسيارة مثل كواتروبورتي، ولتجد هذه الأنظمة طريقها في أجيال أقدم في الطرازات الأوروبية المنافسة ضمن نفس الفئة، ليكون رد أحد المسؤولين البارزين في مازيراتي عندما سأله أحد الصحفيين الدوليين في أثناء مؤتمر التقديم العالمي للسيارة الذي حضرناه في مدينة باليرمو الإيطالية، بأن مازيراتي لم "تتأخر" في تزويد هذه الانظمة، لأن الشركة تقوم بتطوير سيارتها وفقًا لرؤية وحاجة عميلها الخاص جدًّا والمختلف عن عميل الطرازات الأوروبية المنافسة، ليرى أن هذه الأنظمة قد لا يرغب فيها عميل العلامة الإيطالية العريقة في ما مضى، أمّا الآن فالعملاء يريدون هذه الأنظمة لتقوم الشركة بانتقاء الأنظمة التي تتماشى مع فكرها وشكل قيادة سيارتها!

عندما نتحدّث عن هذه الأنظمة التي تأتي تحت اسم مجموعة تجهيزات Advanced driver assistant systems، نجد نظام مثبّت السرعة النشط أو المتغير ACC - adaptive cruise control المربوط بنظام التشغيل والإيقاف الأوتوماتيكي للمحرك، لتستطيع ضبط وتثبيت السرعة عند قيمة محددة، لتكون على سبيل المثال 120 كم/ساعة، وذلك في أثناء قيادة السيارة على الطريق السريع، لتقوم السيارة بكبح نفسها أوتوماتيكيًّا عندما تجد سيارة أمامها عبر الإشارات التي تتلقّاها وحدة النظام الحسابية والتي تأتي من نظام الرادار الأمامي، ومِن ثمّ تقوم بالتسارع مرة أخرى للوصول إلى السرعة المطلوبة عندما تبتعد السيارة التي أمامها، وقد تتوقّف السيارة بالكامل ويتم إيقاف المحرك في حالة الزحام الشديد، ويعمل المحرك أوتوماتيكيًّا وتتسارع السيارة مرة أخرى لتصل إلى السرعة المحددة عندما تتحرّك السيارات الموجودة أمام السيارة، وهكذا.

نجد أيضًا ضمن أنظمة هذه المجموعة، نظام مكابح الطوارئ الأوتوماتيكية أو ما يطلق عليه Automated emergency braking، يقوم هذا النظام المفيد للغاية من وجهة نظري بدعم قائد السيارة بالقوة اللازمة لأسرع عملية كبح كاملة للسيارة في حالة الطوارئ وبأقل قوة من القائد للضغط على دواسة المكابح، وهو ما سيُساعد القائد بصورة واضحة لتوقيف السيارة بأفضل طريقة في حالة الطوارئ بأقل قوة لازمة للضغط على دواسة المكابح.

تضم هذه المجموعة أيضًا، أنظمة التنبيه عند مغادرة حارة الطريق Lane departure warning LWT التي تستطيع بالمناسبة "توقيفها" من لوح التحكم العاملة باللمس في وسط الكونسول، ونظام التنبيه من الاصطدام الأمامي forward collision warning ونظام التنبيه من النقاط العمياء في المرايا الجانبية، ليقوم هذا النظام بتنبيهك صوتيًّا ومرئيًّا في حالة الدخول يمينًا ويسارًا أو في حالة مرور سيارة أو أي جسم بجانب سيارتك في النقطة العمياء من المرايا الجانبية، وأخيرًا نجد أنظمة الرؤية الجديدة لما خلف وحول السيارة المنقولة عبر أنظمة الكاميرات الجديدة المتطورة المزودة في كواتروبورتي الجديدة.

تجربة كواتروبورتي S وSQ4 على طرق جزيرة صقلية الجميلة

علاقتي بصناعة السيارات الإيطالية ليست جيدة، فأنا أتذكّر أول مرة أسافر فيها إلى إيطاليا لتجربة أحد طرازات شركة فيات، وكانت بداية غير موفّقة إذ تعطّل باب الحافلة الفاخرة والحديثة من علامة IVECO المملوكة لفيات التي كانت ستقلنا للفندق، ليكون تعطّل باب الحافلة لمدة تزيد على 10 دقائق كاملة قد أعطاني فرصة جيدة لسماع "خطبة" مندوبة فيات عن أهمية هذه العلامة لإيطاليا في العموم وتورينو في الخصوص.

أنا أحبّ إيطاليا وأحبّ الإيطاليين لكني أخاف من هندستهم أخاف من "غطرستهم"، أخاف من أناقتهم، فأنا أتذكّر شيئين أساسيين مع رؤيتي لأي سيارة إيطالية فاخرة.. أولًا أتذكّر أناقة وجمال تصميمات ومتعة قيادة هذه الطرازات، لتكون كلمة "الجمال" هي المعبّرة عن الإحساس الأول، ومن ثمّ أنتقل مرة واحدة لإحساس الخوف من تعطّل وعدم اعتمادية السيارات الإيطالية في العموم.. واحتراق السيارات الإيطالية الرياضية الفاخرة مثل فيراري ولامبورجيني على الطرقات بالعشرات بسبب أو دون سبب!

حسنًا.. دعونا ننطلق من مرحلة التشاؤم ومرحلة القلق من أصدقائنا الإيطاليين.. إلى مرحلة تجربة أحدث وأهم طرازات مازيراتي الإيطالية العريقة على الإطلاق، النسخة الجديدة المحسّنة من كواتروبورتي، هذه السيارة التي تأتي من فئة السيدان الرياضية كبيرة الحجم، الموجّهة لمنافسة طرازات بورشه باناميرا وأستون مارتن رابيد S.. لتأتي بسعر قريب جدًّا من سعر طراز بورشه وأقل من طراز أستون مارتن، وتحمل هندسة وفلسلفة جديدة لمازيراتي ستضمن -من وجهة نظري- أن تحل مشكلة اعتمادية السيارات الإيطالية الفاخرة وستجعلها منافسًا عنيدًا وجديدًا للطرازات الألمانية من هذه الفئة.

كان لي الحظ أن أدعى لتجربة هذه السيارة على طرقات مدينة باليرمو الإيطالية في جزيرة صقلية.. وتحديدًا على الطرقات التي أقيم عليها سباق تارجا فلوريو التاريخي.. السباق الأقدم في تاريخ رياضة السيارات والأهم على الإطلاق بالنسبة إلى علامة مازيراتي، لكن لماذا هو مهم ومختلف ومرتبط بذكريات خاصة مع مازيراتي؟ سوف نرى..

تأسّست شركة مازيراتي عام 1914 على يد الأخوين كارلو وألفيري مازيراتي اللذين كانا يعملان في مجال هندسة السيارات قبل تأسيس شركتهما التي لم تحمل سيارتها شعار الرّمح الثلاثي إلا عام 1920، عندما رسم أخوهم الفنان ماريو مازيراتي هذا الشعار المستوحى من رُمح تمثال نبتون الشهير في بولونيا الذي تم الانتهاء من نحته عام 1567.

أسّس رجل الأعمال الصقلي الشهير Vincenzo Florio سباق تارجا فلوريو عام 1906، ليكون أقدم سباق كما قلنا وأحد أصعب سباقات التحمل في هذا الزمن، وليقام على الطرق الجبلية القريبة من مدينة باليرمو التي تعدّ الأكبر والأهم في جزيرة صقلية الإيطالية.. لتشتهر من هذا الوقت هذه الجزيرة بسباق تارجا فلوريو وعصابات المافيا بالطبع!

بعد هذا التاريخ سنضع أيدينا على توقيت بداية العلاقة المهمة والتاريخية ما بين مازيراتي وسباق تارجا فلوريو.. ليكون هذا التاريخ في عام 1926 عندما استطاع ألفيري مازيراتي الفوز بفئة السيارات ذات المحرك من سعة 1500 سي سي في سباق تارجا فلوريو.. ليكون أول فوز لسيارة تحمل شعار مازيراتي على الإطلاق والتي كانت من طراز Tipo 26، ومِن ثمّ استطاعت مازيراتي الفوز بهذا السباق لمدة أربع سنوات متتالية منذ سنة 1937 حتى عام 1940.

كان يعدّ هذا السباق أحد أطول وأعنف سباقات التحمل في العالم، ليصل طول أولى نسخ هذا السباق إلى 446 كم عبر ثلاث لفات كاملة.. وسابق فيه العديد من الأسماء اللامعة مثل إنزو فيراري مؤسّس شركة فيراري، وفينسنزو لانسيا مؤسّس شركة لانسيا، وسير ستيرلينغ، وطبعًا ألفيري مازيراتي كما قلنا.

إذن أن تقوم بتجربة أهم سيارات مازيراتي على الإطلاق على الطرق الجبلية لسباق تارجا فلوريو، لهو بمثابة "حُلم" حققتْه لي مازيراتي، كما أنها حركة ذكية منها ستُضيف كثيرًا لإحساسي مع قيادتي هذه السيارة لمسافة زادت على الـ200 كم.

كيف وضعت مازيراتي فلسفة ناجحة لمنافسة الألمان؟!

بعد قيادتي طراز كواتروبورتي الجديدة سواء من طراز S أو SQ4 ذي الدفع الرباعي، بدأت أفهم شيئًا جديدًا لم أكن أفهمه طوال سنوات عملي الطويلة كصحفي متخصّص في السيارات، وهو أنه ليس من المهم أن تكون السيارة الأسرع أو الأقوى أو الأكثر تعقيدًا أو حتى الأكثر تجهيزًا لتكون السيارة "الأفضل"، فلسنوات طويلة كنت مقتنعًا أن بورشه باناميرا هي الخيار الأفضل و"الأوحد" في فئة السيدان الرياضية الفاخرة.. وكنت سأضع في الترتيب بعدها طرازين أو ثلاثة من ألمانيا أيضًا، وكان كواتروبورتي ليس ضمن هذه اللائحة التي أضعها، ولكن بعد تجرتبي لهذا الطراز اكتشفت أن مازيراتي لها من التاريخ الكثير الذي أثّر بصورة واضحة على السيارة ككل! لدرجة أنك تشعر أن تصميم السيارة وهندستها وطريقة قيادتها مرتبط روحيًّا بالطرق الجبلية القريبة من مدينة باليرمو التي كان يُقام عليها سباق تارجا فلوريو.. اكتشفتُ أن صوت هذه السيارة هو بمثابة "مقطوعة موسيقية".. هذه السيارة لن تفكّر في هندستها وأداء محركها وأنت تقودها على الإطلاق.. أناقة هذه السيارة المستوحى من التراث الغني لمازيراتي سيخطفك، سيخطف قلبك، الصوت الجهوري الرنّان لهذه السيارة سيخطف قلبك والذي سيشعرك بأنك تقود سيارة من فيراري لكن بأربعة أبواب.. يوجد الكثير من التفاصيل لهذه السيارة سيجعلها سيارة مميزة للغاية لكني سأضع "صوتها" في قائمة لائحتي.

بعد خروجي من مرحلة الانبهار الطولية بجمال وأناقة وصوت مازيراتي كواتروبورتي الرنّان.. بدأت في التركيز على أداء وشكل قيادة هذا الطراز الذي كانت أول ملاحظاتي عنه هو أن السيارة ستشعرك بأنها "أخفّ" وزنًا من شكلها وأخف وزنًا من الطرازات المكافئة في بورشه باناميرا (نتحدَّث على الجيل السابق وليس عن نسخة عام 2017 الجديدة كليًّا).. كما أن طريقة حركة وتجاوب السيارة ستقنعك بفكرة أن هذه السيارة هي سيارة رياضية في الأساس، وتم تحويلها إلى سيدان بأربعة أبواب وليس العكس! هذه السيارة ستُشعرك بأنك مربوط أكثر بالطريق، ونظام تعليقها المتغيّر أكثر من ممتاز ويحمل مزيجًا ناجحًا وفعالًا ليجعلك مرتاحًا إلى أبعد الحدود في أثناء القيادة العنيفة للسيارة! كما أن المحرك الجديد ذا الست أسطوانات وبقوة 410 أحصنة سيقدّم هو الآخر إحساسًا بأنه أكبر وأكثر قوة من الصورة التي ستتكوَّن في ذهنك من مواصفاته الفنية على الورق! تجاوُب المحرك أكثر من ممتاز بسبب الشواحن التوربينية الآتية بتقنية التغير الحجمي VGT التي تعرّفنا عليها سابقًا في الكثير من محركات طرازات بورشه التي استخدمته في الأجيال الأقدم والأسبق من طرازاتها.. هذه السيارة ليست موجهة لمن يريد سيدان فاخرة مريحة، بل هي موجّهة لمن يريد سيارة "رياضية" مريحة وفاخرة.. فسوف تسمع بعض الأصوات وتشعر ببعض الاهتزازات، وطبعًا ستسمع صوت المحرك الهادر الذي يظهر جمال صوته من دورات منخفضة للمحرك، وبالنسبة إلى أداء طرازات S وS Q4 المزودة بالمحرك ذي الست أسطوانات V6 فهو كافٍ وقادر على المنافسة مع المنافسين الألمان بصورة لم أكن أتوقّعها.. لتستطيع نسخة S التسارع من الثبات إلى سرعة 100 كم/ساعة في غضون 5.1 ثانية، ومع الوصول إلى سرعة قصوى مقدارها 286 كم/ساعة مع تمكّن نسخة S Q4 ذات نظام الدفع الرباعي من التسارع إلى سرعة 100 كم/ساعة في زمن أقل يبلغ 4.9 ثوانٍ، ولكني في النهاية سأختار نسخة S ذات الدفع الخلفي الذي أعتبره الخيار الأذكى إن كنت ستستخدم السيارة في بلدان الشرق الأوسط الجافة طرقها في أغلب أيام العام، خصوصا مع توفير هذا الطراز مقدارًا رائعًا وغير متوقع من التماسك والتوازن.

اختيار مازيراتي صندوق السرعات الأوتوماتيكي الرياضي من ZF ذي الثماني سرعات من فئة HP70 هو اختيار ذكي، فهذا الصندوق سيوفّر زمنًا جيدًا و"كافيًا" للنقل بين السرعات ودون تعقيدات صناديق السرعات ذات نظام التعشيق المزدوج التي ستكون أسرع وأكثر عنفًا ورياضية كصندوق PDK الموفر لطرازات بورشه.. لكن هذا الصندوق فعلًا رائع وكافٍ، ولن تشعر أنك تريد أداء أفضل منه، والأهم أنه مريح وعملي.

بالنسبة إلى تجربتي مع مقصورة مازيراتي، يجب أن أقول إن المقصورة أكثر من مريحة خصوصًا لركاب الصف الأمامي، مع سهولة واضحة لعملية الدخول والخروج من السيارة مع اعتماد وضعية جلوس رياضية منخفضة ستشعرك بأنك تقود سيارة رياضية بحتة وليست سيارة "صالون" مترفة.. كما أن المساحات للصف الخلفي أكثر من كافية وممتازة إن أحببت الجلوس في السيارة في أثناء السير لمسافات طويلة.. هذا مع ملاحظة بعض الاهتزازات والأصوات التي مِن الطبيعي أن تصدر من سيارة "رياضية".. ليكون معدل الأصوات والاهتزازات داخل المركبة "أعلى" قليلًا مقارنةً بالجيل السابق من بورشه باناميرا وطبعًا أكثر كثيرًا مقارنةً بطراز مثل الفئة السابعة من BMW! فكما قلت.. هذه السيارة ستشعرك أنها وُلدت رياضية وتم تحويلها في ما بعد إلى سيارة صالون فاخرة!

النظام الصوتي وشاشة عرض المعلومات العاملة باللمس أكثر من ممتازة، وثورية مقارنة بمثيلتها في النسخة السابقة من كواتروبورتي.. المقاعد الجلدية الآتية بمزيج من الحرير والتي نجدها في نسخ Gran Lusso ستخطف قلبك! والتي أعتبرها أجمل مقاعد رأيتها في تاريخي المهني على الإطلاق.

في النهاية، يمكن أن ألخّص تجربتي في فكرة أنه يجب على كل عميل يفكّر في شراء سيارة أن يقوم بتجربة كواتروبورتي قبل اختيار سيارته! يجب أن يقود كواتروبورتي ويشعر بروحها ويسمع صوتها ويقودها على طرق متعرّجة ليشعر بجمال وقدارات هذه السيارة التي أعتبرها "تحفة ميكانيكية إيطالية".