بقلم/ طارق عبدالله.

بحكم عملي, أحتك بالعديد من الأشخاص من البلاد و الجنسيات المختلفة, و ربما واحد من أبرز ما يعرفونه عن بلدنا الحبيب هو "جدعنة المصريين".

ليس من الغريب إطلاقاً ان تجد احد البيوت تفتح أبوابها بدون مقابل او تراجع لأحد التائهين او المغتربين, أمر معتاد للغاية في بلدي الغالية على قلبى عظيمة المكانة. البارحة, وجدنا مثلاً جديداً ليس بغريب عن المصريين و مشهد عهدناه منذ 3 سنوات مضت الى يومنا هذا.

سيارات دفع رباعي مجهزة من نوع "جيب" و غيرها, تقوم بإنقاذ السيارات العالقة في مياه الأمطار و المحتجزة في البرك بفعل السيول التي حدثت البارحة. قمت بالتواصل شخصياً مع أحد أعضاء تلك المجموعة لطرح بعض الأسئلة التى تدور في ذهني و ذهن القراء على مواقع التواصل الإجتماعي. كيف بدأ الأمر؟ و كم عدد السيارات المجهزة لذلك الأمر؟

كم تبلغ عدد السيارات المجهزة للإنقاذ و ما نوعها؟

البارحة, كان عدد السيارات المخصصة للإنقاذ حوالي 10 سيارات, معظمها من نوع جيب رانجلر, و بطبيعة الحال فان مُلّاك السيارات من عشاق الخروج الى الصحراء و التخييم, و لذلك فان سياراتهم مجهزة و معدلة بالفعل بكل مستلزمات السير على المناطق الوعرة و الغير ممهدة, حيث تم تعديل مستوى إرتفاع السيارة مع إستخدام إطارات مخصصة للعبور على الطرق الغير ممهدة و إستخدام إنبوب تنفس للمحرك في نقطه مرتفعة على جسم السيارة حتى تتمكن من السير في المياه او خلال العواصف الرملية, بجانب وجود ممتصات صدمات ذات خلوص أرضي أفضل و بعضها مجهز بأوناش لقطر الحمولات الكبيرة بحبال فولاذية قوية, و غيره الكثير من التعديلات.

كيف بدأ الأمر أصلا؟ و هل هي أول مرة تقوموا فيها بمثل ذلك الفعل؟

بدأ الأمر منذ 3 سنوات أثناء عودة أحد ملاك تلك السيارات من عمله و وجد انه هناك سيارة عالقة في بركة من الماء من نوع "سكودا أوكتافيا" و بداخلها شخص لا يستطيع الخروج من تلك المنطقة بسبب تعطل سيارته, فما كان منه الا ان بدأ في إنقاذ السيارة حتى أخرجها من تلك البقعة و نشر الأمر على صفحته الشخصية يدعوا فيه أصدقائة من ملاك الدفع الرباعي للنزول الى الشوارع و إنقاذ ما يمكن إنقاذة. إنتشر الأمر إنتشار النيران في الهشيم بأكثر من 5 آلاف مشاركة, و بدأ كل أصدقائة في النزول الى الشوارع و إنقاذ السيارات العالقة و نشر أرقامهم الشخصية على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك" للتواصل معهم في حال إحتاجه أحدهم.

و منذ ذلك اليوم, إستمر الأمر كل عام في كل مرة تحدث فيها تلك السيول, البارحة كان اليوم الأول في العام الثالث, و إستمروا في الإنقاذ حتى الساعة الثالثة فجراً.

كم عدد المركبات التي تم إنقاذها البارحة فقط؟

بلغ عدد المركبات التى تم إنقاذها البارحة فقط حوالى 20 مركبة مختلفة ما بين حافلة مدارس أطفال و حافلة شركات خاصة و سيارات ملاكي و غيرهم, و كانت الحافلة هي واحدة من أصعب ما تم إنقاذة حيث تم إستخدام سيارتين لقطرها و خروجها من تلك البقعة من المياه.

ما هى الأولويات التى تضعونها في الحسبان حينما تقومون بإنقاذ السيارات؟

كعادة الرجل الشرقي, فإن دائماً و أبداً الأولوية في الإنقاذ و الحماية هم النساء و الأطفال, و لذلك هم على رأس القائمة في الإنقاذ و يتم التحرك لهم فوراً.

كما ان الإنقاذ يحصل للسيارات التى تتعرض للغرق بالفعل, و لكن تصلهم بعض الإتصالات أحياناً لسيارات ليست بغارقة و إنما معطلة بشكل عام, و هذا ليس من تخصصهم, و إنما هم فقط يتوجهون لمن يواجه خطر الغرق بسيارته حيث انها قد تصل الى حالة من التلف التام و تصبح غير قابلة للإستخدام من الأساس, و ربما تحتوي على أشخاص في حالة هلع و ذعر.

مع العلم, انهم يقومون بفعل عمليات الإنقاذ في نطاق منطقة التجمع, الرحاب, طريق السويس و القاهرة الجديدة, و يرجع السبب وراء ذلك انهم يعلمون جيداً تلك الطرق بسبب طبيعية سكنهم فيها, ففي حال واجهتهم عقبة ما في طريق معين, فإنهم يعلمون الطرق الإحتياطية التى يمكنها ان تؤدي لنفس الغرض.

ما هى أغلى سيارة تم إنقاذها في تلك الفترة؟

أغلى سيارة تم إنقاذها خلال تلك الثلاث سنوات كانت البارحة, و هى سيارة من نوع جاجوار F Pace, و يبلغ سعرها مليون و نصف جنيه مصري تقريباً, و كان التحدي الأكبر في تلك السيارة انها تعطلت بالكامل, و بالتالى فان صندوق السرعات في حالة تعشيق و العجلات في حالة كبح و سكون و لا يمكن قطرها, فكان التحدي الأكبر هو جعل صندوق السرعات في الوضعية المحايدة, فما كان منهم الا ان تواصلوا مع الوكيل الخاص بالسيارة لمعرفة كيفية وضعها في الوضعية المحايدة, و هنا وجب التنويه, يجب على كل مالك سيارة ان يتواصل مع وكيل السيارة الخاصه به و معرفة إمكانية وضع ناقل السرعات في الوضعية المحايدة حتى يتمكن من قطر السيارة في حالة الأعطال.

ما هى أكثر سيارة وجدتموها معطله بشكل عام؟

بالطبع كان يوجد كل الأنواع من السيارات, و لكن أكثر سيارة كانت معطلة هى السيارة من نوع بي ام دابليو الفئة الثالثة ذات الرقم الكودى F30, و السيارة من نوع مرسيدس C Class.

و قد قامت الشرطة المصرية بالتواصل معهم بالفعل و التعاون في شتى الأمور, حيث قام السيد رئيس مباحث القاهرة الجديدة بالتواصل معهم و مساعدتهم عن طريق إغلاق بعض الشوارع للسيارات حتى يقوموا بالوصول اليها في حالة وجود سيارة عالقة, كما تواصل معهم رئيس جهاز منطقة التجمع الخامس و إستعان بهم في حالة وردهم إتصال لحالة طارئة و عجزت سيارات الشرطة في الدخول الى تلك المنطقة, عمل دؤوب يرقى الى نظام خلية النحل من شباب مصرية بدون إنتظار لمقابل مادي او حتى مجد شخصي, مثل مشرف و قدوة يحتذى بها لشباب مصرية قامت بفعل كل ما يمكنها فعله لإنقاذ الموقف و تدارك المشكلة.

انا أشعر بسعادة غامرة و إعتزاز شديد و انا أكتب لكم الآن, و فخور بصداقتي الشخصية مع أحد رواد تلك المجموعة.