رسالة إلى وزير التجارة والصناعة المصري – عن السيارات الكهربائية نتحدث !
كان لي ملاحظات مُهمة أتمنى أن تصل لسيادة الوزير ..فعند قرائتي لقرار الوزير ..تذكرت على الفور أن مصر بها محطتين أو ثلاثة محطات للشحن الكهربائي للسيارات....مع خطة لبناء العشرات في المستقبل القريب ...مع العلم بأن بلد مثل اليابان
بقلم المهندس أحمد عمار
كُنت في اليابان عندما سمعت عن القانون الجديد للسماح بإستيراد السيارات الكهربائية لمصر بدون جمارك سواء كسيارات جديدة أو مُستعملة ....على أن لا يزيد عمر السيارات المُستعملة عن الثلاثة سنوات ..ليكون قرار تشجيعي شجاع و"عبقري" من سيادة وزير التجارة والصناعة المهندس طارق قابيل ... هذه القرار سيكون ببساطة سبب حقيقي لبدأ الشركات الخاصة في الإستثمار لبناء محطاء شحن كهربائية وبدء تكوين بنية تحتية لهذه النوعية من السيارات الصديقة للبيئة.....ليكون قرارا مهما للغاية ...لأن شركات السيارات العالمية بدأت بالفعل في تقليل تقديم السيارات الكلاسيكية ذات محركات الاحتراق الداخلي والتركيز على تقديم هذه النوعية من السيارات التي تطورت بشكل مذهل في السنوات القليلة الماضية ! مع قرار الكثير من الدول الأوروبية "منع" بيع السيارات الكلاسيكية في المستقبل بمُدن مُحددة ... لذا فالإستعداد للمستقبل من الأن لهو خطوة ذكية للغاية ...لنرفع القبعة للمهندس طارق قابيل الذي يعمل الأن على تغيير طريقة تفكير الشركات العاملة في قطاع بيع وصناعة السيارة في مصر والمستهلكين على حد سواء ! وبصورة ايجابية للغاية ! ليكون هدفه الواضح هو زيادة معدلات الإنتاج والتصدير والإستعداد للمستقبل !
ولكن مع هذا القرار ...كان لي ملاحظات مُهمة اتمنى أن تصل لسيادة الوزير ...من أجل غد أفضل ومن أجل تسهيل عملية الإنتقال من العصر الحالي إلى المستقبل الذي بات قريبا للغاية...فعند قرائتي لقرار الوزير ..تذكرت على الفور أن مصر بها محطتين أو ثلاثة محطات للشحن الكهربائي للسيارات....مع خطة لبناء العشرات في المستقبل القريب ...مع العلم بأن بلد مثل اليابان التي أقوم بزيارتها تمتلك 28 ألف محطة للشحن و 7200 محطة للشحن الكهربائي السريع ! لذا فنحن أمام تحدي كبير يجب أن نخوضه بحكمة كبيرة حتى ننجح به ...لتكون ملاحظتي كالأتي ..
السيارات الكهربائية ليست الحل الوحيد للإنتقال إلى المستقبل ! كما إنها ليست الحل الأفضل ..على الأقل بالنسبة لنا!
في البداية يجب أن نعرف أن هناك 3 أنواع رئيسية من السيارات المُستقبلية المُعتمدة على محركات "كهربائية" ...النوع الأول يتمثل في السيارات الكهربائية بالكامل التي تعتمد على محركات كهربائية "فقط" مع بطاريات كهربائية كبيرة من فئة أيون الليثيوم ...قُمت بتجربة عدة أمثلة من هذه السيارات ...قُمت بتجربة طراز i3 من BMW و طراز ليف من الجيل الأول لنيسان ....وطراز زوي من رينو وأخيرا طراز تيسلا الأمريكي ...وتحديدا موديل إس من فئة P100D الفاخر والقوي للغاية والذي أعتبره في "فئة" خاصة نظرا لقدراته الفذة وسعره الكبيرة للغاية ...هذه الطرازات تستطيع قطع مسافة يبلغ متسوطها 200 كم قبل الحاجة لإعادة شحن بطاريتها .....أما طراز تيسلا فيستطيع قطع مسافة تزيد عن 450 كم قبل الحاجة لإعادة شحن بطارياته ...ولكن لا يجب أن لا ننسى أن طراز تيسلا الذي نتحدث عنه يأتي بسعر يقترب من 2.5 مليون جنيه مصري في دولة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة ..لذا فهو طراز حصري وفاخر لن نتحدث عنه .....ولن نضعه في حسابتنا من الأساس .
الجيل الجديد الأحدث من السيارات الكهربائية يستطيع قطع مسافة أكبر قد تصل إلى 300 كم كما هو الحال مع طراز نيسان ليف من الجيل الثاني الذي كان تقديمه العالمي في اليابان العام الماضي وكان لي شرف الدعوة لحضور فعاليات اطلاقه ... هذا يعني أن فعليا سيكون إستخدام هذه النوعية من السيارات "صعبا" في البداية ... لأنك ستحتاج إلى 40 دقيقة على الأقل لشحن 80% من البطارية لهذه النوعية من السيارات في حالة التوصيل بشاحن كهربائي "سريع" Super charger والذي لا يتوفر الأن في مصر... و ستحتاج إلى 8 ساعات إن وصلت السيارة بمخرج بقدرة 6 كيلو واط كالذي نجده في المنازل.....ويزيد الزمن إلى 16 ساعة في حالة إذا كان مخرج منزلك بقدرة 3 كيلو واط.
و ستحتاج إلى 3 ساعات على الأقل لشحن بطارية هذه النوعية من السيارات إذا توفر شاحن كهربائي تقليدي كالذي بدأ في الظهور في مصر.. ليكون إستخدام هذه السيارة "مُمكننا" لمن ينوي إستخدام سيارته الكهربائية داخل المدينة فقط ...بل ستحتاج أيضا لجراج خاص بك ويكون عندك "قابس" كهربائي قريب من مكان صف سيارتك .
النوعية الثانية من السيارات المُستقبلية تتمثل في السيارات "الهجينة" من الفئة التي توصل بالقابس الكهربائي ..أو التي تُسمى بـ Plug in Hybrid ...مثل طراز تويوتا بريوس الشهير ...هذه الفئة من السيارات تعتمد على محرك كهربائي يعمل بالتوازي مع محرك احتراق داخلي كلاسيكي غالبا ماسيكون من أربعة إسطوانات ...هذه السيارات تستطيع توفير مُعدلات إستهلاك للوقود أقل كثيرا من السيارات الكلاسيكية...وستعتمد طريقة عملها الرئيسية على استخدام الطاقة الكهربائية في أوضاع التحميل البطيئة ..فمثلا لن يعمل محرك الاحتراق الداخلي أبدا إن كنت تقود سيارتك من هذه الفئة في الزحام ..تخيل نفسك تسير على كوبري السادس من أكتوبر في حالات الزحام الخانقة بدون إستهلاك نقطة واحدة من الوقود ...غالبا لن يعمل المحرك الكلاسيكي ولن تبدأ في إستهلاك الوقود إلا عند الضغط الكامل على دواسة الوقود أو عند تخطي سرعة 40كم/ ساعة ....في هذه النوعية من السيارات ستحتاج لشحن بطاريتها عبر توصيلها بمخرج كهربائي مثل السيارات الكهربائية بالكامل ...ولكن في عدم توفير مصدر كهربائي للشحن ستكون قادرا على استخدام الوقود لتشغيل السيارة ...كما انك ستحتاج إلى مسافة "أطول" قبل الحاجة لإعادة شحن البطاريات...طراز مثل تويوتا بريوس من هذه الفئة يستطيع توفير متوسط استهلاك للوقود قد يصل إلى 1.2 لتر لكل 100 كم ! أي إستهلاك يمكن ان يكون أفضل وأقل بنسبة تصل إلى 90% مقارنة بالسيارات الكلاسيكية كالتي نقودها في مصر ! ..هذه النوعية من السيارات هي خيار أفضل لنا في مصر مقارنة بالسيارات الكهربائية ولكنها ليست "الأفضل"...
النوع الثالث من سيارات المستقبلية يتمثل في السيارات الهجينة ...التي تعتمد على محرك كهربائي بجانب محرك احتراق داخلي كلاسيكي مثل فئة Plug in hybrid ...ولكن مع اعتماد بطارية كهربائية من أيون الليثيوم "أصغر" حجما وأقل في القدرة...ليكون استهلاك هذه الفئة للوقود أكبر ...ولكنها لن تحتاج إلى ربطها بمصدر كهربائي لشحن بطاريتها ! إذ ستتمثل طريقة شحنها الرئيسية في تحويل الطاقة الحرارية المتكونة من عملية "كبح" السيارة إلى طاقة كهربائية ...أي أنك ستولد الكهرباء لشحن بطارية سيارتك عند ضغطك على المكابح ! كما يوجد مولد سيقوم بالعمل على توليد الكهرباء عند تدحرج السيارة على الطرق الهابطة !
قُمت بتجربة حصرية ومهمة للغاية لإحدى هذه السيارت ..وهي هيونداي أيونيك هايبرد الرائع ! إستطعت قطع مسافة 1100 كم داخل مدينة دبي مع تشغيلي لمكيف الهواء واستخدام السيارة بشكل طبييعي بإستهلاك 45 لتر فقط من الوقود ! وبدون الحاجة إلى ربط السيارة بأي مصدر كهربائي ...هذه السيارة تستطيع قطع مسافة تُقدر بـ 40% إضافية تقريبا مقارنة بالسيارات الكلاسيكة ...لتكون هذه النوعية من السيارات هي الأفضل من وجهة نظري للدخول إلى المستقبل ! تخيل نفسك تسافر من القاهرة إلى أسوان بخزان وقود واحد ...وبمُعدلات أقل كثيرا من الغازات الملوثة للبيئة.
إذا ما هي اقتراحتنا لسيادة وزير التجارة والصناعة المصري ...
- تعميم القانون الجديد على فئات السيارت المُستقبلية الثلاثة ...لأن الفئة التي ستلاقي نجاحا ساحقا من وجهة نظري هي الفئة الثالثة ..الفئة الهجينة التي لا تحتاج إلى ربطها بقابس أو شاحن كهربائي لشحن بطاريتها ..هذه الفئة ستُقلل من استهلاك الوقود بنسبة 40% على الأقل مقارنة بالسيارات الكلاسيكية..وستقوم بتقليل معدل الإنبعاثات الملوثة للبيئة بشكل فعال ...ولن تحتاج في النهاية إلى بنية تحتية لا نمتلكها في الوقت الحالي ...لتكون حلا ممتازا للتوفير...وقود أقل ...وبدن فاتورة إضافية لإستهلاك الكهرباء !
- وضع خطة لإعادة تدوير بطاريات أيون الليثيوم الخاصة بالفئات الثلاثة من هذه السيارات ...العمر الإفتراضي للبطاريات هو 10 سنين ...يجب أن نُدرك أن عدم إعادة تدوير أو إعدام هذه البطاريات بطريقة مدروسة سيكون ملوثا للبيئة وخطيرا بعدة صور ....يجب أن نستعد لهذه المرحلة ...كما يجب أن يكون هناك خطوات مدروسة يعلمها صاحب السيارة الكهربائية وإدارة المرور في حالة تعرض السيارة لحادث كبير وتضرر البطاريات .
- الحافلات الكهربائية والهجينة باتت موجودة في أغلب بلدان العالم ....إن قامت الحكومة المصرية بوضع خطة لتحديث أسطولها للنقل العام بمركبات وحافلات من هذه الفئة ...ستقلقل من مصاريف التشغيل والصيانة و معدلات تلويث البيئة بشكل واضح ....مع إقتراحي ببناء محطات للشحن الكهربائي في مراكز ومواقف حافلات هيئة النقل العام مع إمكانية بناء نظام كامل لتوليد الطاقة الكهربائية بالخلايا الشمسية لنقلل أكثر وأكثر من مصاريف التشغيل....هذه الخطوة ستجني ثمارها في المستقبل بلا شك !
- وضع حذمة من القوانين التشجيعية لشراء هذه الفئة من السيارات .....شراء سيارة من هذه الفئات سيكون تحدي بشكل أو بأخر على أصحاب السيارات ...فإن كانت الحكومة تريد خفض مُعدلات التلوث ومعدلات استهلاك الوقود البترولي بشكل فعال وسريع..ستحتاج إلى تشجيع عملية شرائها بطُرق اضافية ....حتى تزيد نسبة السيارات المباعة من هذه الفئة بشكل واضح وفعال.
- يجب وضع ألية واضحة لطريقة محاسبة المواطنين من أصحاب السيارت الكهربائية إن كانوا سيشحنون سيارتهم في بيوتهم ...فشحن سيارة كهربائية مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع لهو كفيل برفع مُعدلات استهلاك الكهرباء إلى أعلى المستويات ووضع صاحب السيارة في "الشريحة الأعلى" دوما ....لذا فأنا أقترح أن تقوم الحكومة بوضع خطة تسعيرية مدروسة لتشجيع أصحاب السيارات الكهربائية ...إن قامت الحكومة بتشجيع أصحاب السيارات وتوفير أسعار "مُخفضة" على الكهرباء ..ستضمن الحكومة تقليل الإستهلاك العام للوقود وتقليل مُعدلات الإنبعاثات والأهم هو تقليل مُعدلات الزحام المروري ! نعم أصحاب هذه السيارات سيقومون بتقليل إستخدامهم لسيارتهم بشكل أكيد ....لأن عملية شحن سيارتهم ستضمن أن تمكث سيارتهم في جراجاتهم لمدة تصل إلى 30 ساعة أسبوعيا على الأقل ! وطبعا ستقوم فكرة إستخدام السيارات الكهربائية مدروسة بشكل عام مقارنة بالسيارات الكلاسيكية ...ولتضمن الحكومة الوصول إلى النتيجة المُثلى ..أقترح أن توفر هذا الدعم على الاسعار لأصحاب السيارات الكهربائية الذي يثبتون أنهم لا يمتلكون سيارات كلاسيكية أخرى ...هم أو أفراد عائلاتهم.
في النهاية أوجه تحياتي مرة أخرى لوزيرنا الذي يبذل جهدا واضحا وفعالا لتشجيع عملية تجميع و تصنيع السيارات والتوسع في قطاع الصناعات المُغذية لها ...والذي يُخطط الأن لإدخال مصرإلى المستقبل عبر بوابة المركبات الكهربائية ...وهذا بالتوازي مع توسع الحكومة في العمل على إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة بشكل سيوفر مليارات الدولارت في المستقبل مع ضمان مُسقبل أكثر نظاقة وأقل تلويثا للبيئة !