من دبي / اختبار م.أحمد عمار 

قدّمت بنتلي نسخة SPEED الرياضية من طرازاها "شديد الفخامة" مولسان Mulsanne لأول مرة عبر جناحها في معرض باريس الدولي للسيارات عام 2014، ليكون تعليق الشركة على هذا الطراز أو هذه النسخة تحديدا، بأنها الأسرع على الإطلاق ضمن فئة السيارات الشديدة الفخامة التي تسمّيها بنتلي بـUltra-Luxury cars، وهذا بعد تطوير مُحرك المولسان الشهير ذي الثماني أسطوانات الآتي بسعة 6750 سي سي والـ16 صماما، المُدعم بنظام شحن توربيني مزدوج للهواء، لتزيد قوته الإجمالية بمقدار 25 حصانا، لتصل إلى 530 حصانا مع 1100 نيوتن- متر للعزم الأقصى للدوران الذي يظهر من 1750 دورة في الدقيقة، لتقدر هذه السيارة الضخمة ذات الوزن الذي يزيد على الطنين ونصف الطن من الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 305 كم/ ساعة مع أرقام مُذهلة للتسارع من السكون حتى سرعة 100 و160 كم/ ساعة.

كُنت موجودا وقت الكشف عن هذا الطراز في معرض باريس عام 2014، وكان تساؤلي الرئيسي عندما وقعت عيناي على هذا الطراز هو: كيف جاءتهم الجرأة لوضع شعار SPEED على طراز بهذا الحجم والوزن؟ هل يصلح أن نربط بين السرعة وهذه "الأناقة" المُفرطة؟ فإن كنا نعتبر طرازات فلاينج سبير وكونتيننتال جي تي طرازات فخمة وأنيقة ورزينة، فهذا الطراز في موقع آخر أعلى بكثير، هذا الطراز هو أكثر طرازات الشركة الحالية المربوط بأصالة الشركة وتاريخها ومفاهيمها وفلسفاتها الأصلية، هذا الطراز هو أفضل مثال وأفضل طراز يتم وضع شعار بنتلي عليه.

في السطور التالية، سأحاول أن أنقل إليكم تجربي وانطباعاتي عن هذا الطراز الذي كُنت محظوظا للغاية للحصول عليه ليومين كاملين لتجربته، وليس تجربته وحيدا، بل بجانب طراز كونتيننتال جي تي SPEED، كما قرأتم في الجزء الأول من هذا التقرير الخاص.

كم ساعة يحتاج  إليها العمال في مصنع CREWE لبناء مولسان؟

لتعرف قيمة طراز بنتلي مولسان سنقارن عملية بنائه بطراز آخر من الشركة الإنجليزية العريقة، وهو كونتيننتال جي تي الذي قمنا بتجربته، واستعرضناه في الجزء الأول من هذا التقرير، فبنتلي تحتاج إلى 110 ساعات من التجميع والعمل اليدوي لبناء طراز كونتيننتال جي تي، أما طراز مولسان فيحتاج إلى أكثر من ضعف الوقت اللازم لبناء طراز الكونتيننتال، إذ يحتاج العاملون في مصنع بنتلي بـCREWE إلى 400 ساعة كاملة لبناء نُسخة واحدة من مولسان التي بالمناسبة تحتاج إلى إكمال عملية لحام 5800 نقطة في هيكل السيارة الواحدة! أما بالنسبة إلى محرك طراز المولسان ذي الثماني أسطوانات فيحتاج إلى 30 ساعة كاملة لتجميعه يدويا، وهو وقت أكثر من ضعف الوقت اللازم أيضا لتجميع محرك طراز كونتيننتال جي تي SPEED ذي الاثنتي عشرة أسطوانة الذي يحتاج إلى 12.5 ساعات فقط لتجميعه يدويا.

محرك بعزم يزيد على 1000 نيوتن- متر

عندما تنظر إلى طراز مولسان سبيد لن تحتاج إلى وقت طويل لتدرك أنه كبير الحجم بالفعل وبالتأكيد هو ثقيل للغاية! لذا كان على بنتلي أن توفّر له محركا بتصميم ومواصفات فنية خاصة تضمن أن توفر له أداء يليق بشعار مثل SPEED ويقدر على هزم القوانين الفيزيائية المربوطة بسيارة وزنها يبلغ فارغا 2685 كجم.

محرك هذا الطراز يأتي بسعة لترية كبيرة تبلغ 6750 سي سي "أي بزيادة بمقدار 750 سي سي عن محرك طراز كونتيننتال جي تي SPEED"، لكن يأتي بعدد أقل من الأسطوانات يبلغ ثماني أسطوانات فقط على شكل حرف V، ومُدعما بالطبع بنظام للشحن التوربيني المزدوج للهواء ليقدر على استخراج قوة 530 حصانا مع عزم أقصى للدوران يبلغ 1100 نيوتن- متر كاملة! مما يضع هذا المحرك في مكانة خاصة كواحد من أكثر المحركات "عزما" في فئة السيارات الشديدة الترف، وهو بالمناسبة أكثر في العزم من محرك طراز كونتيننتال جي تي SPEED بـ260 نيوتن- متر.

تزود بنتلي هذا الطراز بصندوق سرعات أوتوماتيكي من ثماني سرعات أمامية، يقوم بتوصيل قوة المحرك إلى نظام الدفع الخلفي للعجلات، لتقوم بنتلي باختيار واحد من أفضل وأسرع الصناديق الأوتوماتيكية في العالم، وهو الصندوق 8HP90 الخاص بشركة ZF الذي تستخدمه شركات عديدة في سيارتها القوية، لنجده على سبيل المثال في طرازات BMW 760 LI ودودج تشارجر هيلكات، مع العلم بأن ZF توصف هذا الصندوق بقدرته على تحمل حتى "1000 نيوتن- متر"، وهو رقم أقل من قدرة مُحرك المولسان سبيد بـ100 نيوتن- متر، لذا فأنا أعتقد بأن هذا الصندوق مُصمم في الأصل لتحمل مقدار أكبر من عزم الدوران المُعلن رسميا يُمكن أن يصل من وجهة نظري إلى 1300 نيوتن- متر على الأقل، أو هناك نظرية أخرى بأن بنتلي وضعت أو طلبت بعض التطويرات الهندسية على هذا الصندوق ليتحمل قوة محركها الهائلة، وهو الأمر الذي أستبعده.

يقدر طراز مولسان سبيد من التسارع من السكون إلى سرعة 100 كم/ ساعة في غضون 4.9 ثوانٍ وإلى 160 كم/ ساعة في 11 ثانية، وهذا مع القدرة للوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 305 كم/ ساعة، أما بالنسبة إلى متوسط استهلاك هذا الطراز فيبلغ 14.6 لترات لقطع كل 100 كم، وهو رقم ممتاز عند تذكّر وزن السيارة الذي يزيد على الطنين ونصف الطن، مع العلم بأن هذا الرقم حُقق بفضل تزويد هذا المحرك بخاصية الغلق الأوتوماتيكي لعمل الأسطوانات التي ستسمح للمحرك بتشغيل أربع أسطوانات V4 فقط في أوضاع التحميل البطيئة، مع التشغيل اللحظي السريع للثماني أسطوانات وتشغيل المحرك بكامل طاقته، مع الضغط بقوة ولو بشكل مفاجئ على دواسة الوقود، لنؤكد لكم أن هذه العملية المُعقدة لن تشعروا بها في أثناء قيادتكم للسيارة.

هل هناك فرق كبير بين قوة محركي نُسخة SPEED والنسخة الأساسية من مولسان؟

الإجابة ببساطة هي "لا"، فالنسخة الأساسية من مولسان تحصل على نسخة أقل قوة من المحرك ذي الثماني أسطوانات V8 وسعة الـ6750 سي سي، لتستخرج قوة أقل من نُسخة المحرك الموفرة لنسخة SPEED بمقدار 25 حصانا و80 نيوتن- متر، لتصل القوة النهائية إلى 505 أحصنة و1020 نيوتن- متر، وهذا مع العلم بأن بنتلي أعلنت أن محرك نسخة المولسان SPEED قد حصل على العديد من التطويرات الهندسية للوصول إلى القوة الزائدة، ليتم تطوير وجه الأسطوانة وتغيير شمعات الاحتراق ورشاشات الوقود وتطوير غرف الاحتراق لتتماشى مع القوة الزائدة وتعديل نظام التحكم المُتغير في عمل الصمامات، والأهم هو تزويد الضغط الناتج من نظام الشحن التوربيني المزدوج للهواء، لكن في النهاية فأنا لا أؤمن بأن هذه التطويرات الهندسية هي "مُجدية" للحصول على قوة زائدة تبلغ 25 حصانا و80 نيوتن- متر فقط، وهذا مع العلم بأن أرقام التسارع الخاصة بالنسخة الأساسية من مولسان "أقل" إبهارا من نسخة SPEED بصورة ليست واضحة أيضا! فالنسخة الأساسية تستطيع التسارع من السكون إلى سرعة 100 كم/ ساعة في 5.1 ثانية، مقارنة بـ4.9 ثوانٍ لنسخة SPEED، وإلى سرعة 160 كم/ ساعة في 11.6 ثوانٍ مقارنة بـ11 ثانية لنسخة SPEED، وتقل السرعة القصوى إلى 296 كم/ ساعة في النسخة الأساسية، فالفرق الرئيسي في النسختين سيكون في روح السيارة وفلسفة بنائها، وبالطبع نتوقّع في الكثير من التفاصيل الدقيقة التي لم نستطع أن نضع أيدينا عليها، لأننا لم نجرب النسخة الأساسية من مولسان.

أفخم طرازات بنتلي.. وأفخم طراز قمنا بتجربته على الإطلاق

الشعور الأوّلي الذي انتابني مع نظرتي التفقدية الأولى لطراز مولسان، كان الاحترام و"الرهبة"، فالطراز كبير الحجم للغاية بطول إجمالي يزيد على الخمسة أمتار ونصف المتر، وتظهر فخامته وسعره "الباهظ" من مجرد رؤيتك للسيارة من الخارج! فلن تحتاج إلى أن تكون خبيرا لتعلم أن هذه السيارة فخمة ومميزة للغاية ومُقدمة بسعر كبير بالطبع يبدأ بالمناسبة من 1.7 ملايين درهم إماراتي كسعر "مبدئي"، فمولسان هي أغلى وأكثر طرازات بنتلي طرفا على الإطلاق.

مع دخولي للسيارة بدأت في التأكد من أن هذه السيارة ليست مصنوعة لأمثالي ممن يحبون القيادة! فعلى الرغم من زعم بنتلي أن نُسخة SPEED هي مطورة لمن يحبون القيادة ولمن يحبون النفس الرياضي لسيارتهم سيطر شعور غريب عليّ في أثناء تفقدي وجلوسي في مقعد السائق، وهو أن مكاني فيه خاطئ، وأني يجب أن أجلس في الخلف.. أنا أحب القيادة وأحب وأقدر السيارات الجيدة لكني مع هذه السيارة لا أشعر بأني أريد القيادة في الأساس.

مقصورة مولسان تحمل العديد من التفاصيل والعديد من التجهيزات الخاصة والحصرية، فككل طرازات بنتلي نجد الأخشاب الطبيعية المُشكلة والمصنعة يدويا بواسطة الفنيين المهرة في مصنع الشركة بمنطقة CREWE الإنجليزية، ليقوم الفنيون باستخدام أخشاب طبيعية من شجرة واحدة لكل سيارة، ليتم التأكد من أن أشكال جميع قطع الأخشاب في السيارة تحمل نفس أشكال العروق، كما يتم استخدام أفخم أنواع الجلود الطبيعية الآتية من ثيران مُحددة النوع، وطبعا بعد التأكد من أن قطع الجلود ليس مكشوطة أو مصابة بأي "قرصات" من البعوض، فبنتلي تهتم بالتفاصيل الدقيقة للغاية ويزيد اهتمامهم بالتفاصيل بشكل واضح مع طراز مولسان.

حصلت سيارتنا المولسان على مزيج رائع من الألوان المتابينة، لنجد الجلود الطبيعية "البرتقالية" والبنية اللون والأخشاب الطبيعية البنية الغامقة اللون، مع استخدام الخيوط البرتقالية اللون في الحياكة اليدوية لقطع الجلود الموجودة في المقصورة.

عندما تجلس في المقصورة ستلاحظ على الفور وضعية الجلوس المرتفعة المميزة للمقاعد الوثيرة للغاية التي ستشعرك أن مقاعد طرازات مثل الفئة السابعة من BMW والفئة S-Class من مرسيدس هي مقاعد "متواضعة" وليست فاخرة، فعند تحدثي عن المقاعد الوثيرة الفاخرة ستكون مقاعد طراز مولسان هي أول ما يأتي في ذهني! مع توفر خيارات تجهيزات المبردات وأجهزة التدفئة والمساج لهذه المقاعد بالطبع.

تصميم شريط الأدوات الأمامي لمولسان رائع وكلاسيكي وعريق، هذا هو أقل وصف يُمكن أن نطلقه عليه، ليكون أهم ما لاحظته هو عدم وجود "الكثير" من الأجهزة والمكونات من طرازات مجموعة فولكس فاجن، كما لاحظت في طراز فلاينج سبير.. هذا ومع تأكدي بوجود بعض المكونات من سيارات المجموعة مُستخدمة في هذه السيارة، لكننا نرفع القبعة لبنتلي لإخفائها هذه المكونات أو لاستخدماها مكونات تستخدمها فقط في الطرازات الفاخرة للمجموعة، وهذا الأمر مفروغ منه لأنهم استخدموا مكونات عديدة من طراز جولف في بناء مقصورة طراز بوجاتي فيرون الخارق! فما يمنعهم من فعل ذلك أيضا في طراز مولسان الأقل كثيرا في السعر من طراز بوجاتي.

يزوّد هذا الطراز بالعديد من وسائل الترفيه الإلكترونية المُميزة، تبدأ من نظام عرض المعلومات والملاحة الإلكتروني المُقترن بشاشة عرض عالية الدقة وكبيرة الحجم تعمل باللمس، مرورا بالنظام الصوتي الاحترافي من NAIM FOR BENTLEY الموصل بـ14 مكبرا للصوت ووحدتين لتضخيم الصوت Subwoofers و8 وحدات للمعالجة الرقمية، مع توفر نُسخة اختيارية أكثر قوة من هذا النظام بقدرة 2200 واط، وصولا إلى شاشات العرض الخاصة بركاب الصف الخلفي ذات قياس الـ8 بوصات والطاولات الكهربائية وسماعات الأذن اللاسلكية ووحدة التحكم الإلكترونية التي تعمل باللمس للتحكم في نظام التحكم في الطقس ومقاعد السيارة كلها ما عدا مقعد السائق.

يوفر لطراز مولسان وحدة قرص صلب بسعة 60 جيجابايت من أجل تخزين أفلامك وأغنياتك المفضلة مع توفير وحدة الإنترنت اللاسلكي WIFI لركاب السيارة، وذلك عن طريق تفعيل خط المعلومات المُستخدم في السيارة أو عن طريق تشغيل هاتف السيارة المُثبت تحت مسند يد قائد السيارة، أو حتى عن طريق ربط هاتفك المحمول لاسلكيا بالسيارة عن طريق تقنية BLUETOOTH.

سيارة قوية وسريعة.. لكن هل هي رياضية ؟

قامت بنتلي بمجهود واضح من نسخة SPEED من مولسان لتضيف لها روحا رياضية واضحة، ستساعد في إغراء صاحب السيارة لقيادتها! فهذه النسخة تحمل محركا أقوى من النسخة الأساسية، وتحمل نظام تعليق "هوائي" جديدا، مع تطوير صندوق السرعات ليكون أكثر سرعة وأفضل تجاوبا، خصوصا مع اختيار الوضعية الرياضية الجديد "S"، لكن هل نجحت مجهودات بنتلي أم لا؟

الحقيقة التي وصلت إليها بعد قيادتي لهذا الطراز على مدى يومين هي أنها قوية وسريعة، لكنها صامتة ورزينة بشكل مبالغ فيها! فالعزل الصوتي للسيارة أكثر من ممتاز، ويمكن أن أعتبره أفضل ما قمت بتجربته على الإطلاق حتى إنك تسمع صوت المحرك الهادر بصعوبة في أثناء التسارع بالسيارة، وطبعا نظام التعليق أكثر من ثوري! فالسيارة مريحة كقصر متحرك ولكنك تستطيع توجيهها بشكل لن تتخيله، وأفضل من توقعاتك، كما أن أرقام تسارع السيارة مبهرة بحق، فسيارة بهذا الوزن الكبيرة تستطيع كسر الحاجز المئوي من السكون في أقل من خمس ثوانٍ لهو أمر أكثر من رائع. والأروع هو استطاعتها كسر حاجز الـ300 كم/ ساعة دون مشكلات ودون الشعور بأي خوف أو أي مشكلة.

مع محاولتي المستمرة للتسارع بالسيارة في حدود القانون والحدود المسموح بها لإمارة دبي، أكاد أجزم بأنك لن تشعر بقوة وسرعة هذه السيارات إلا عند التسابق ومقارنتها بسيارة رياضية خالصة أصغر حجما، وهو الأمر المستحيل بأن يقوم به عملاء هذه العلامة أو على الأقل أصحاب هذا الطراز الشديد الفخامة، فالسيارة هي خيار ممتاز لمن يريد القوة والسرعة كخيار وأمنية ثانية بعد الترف وجودة البناء كأمنية أولى، ولكن لمن يريد سيارة ليموزين شديدة الفخامة بروح رياضية "أوضح" حتى وإن لم تكن أسرع أو أفضل فليتجه إلى النسخة الحاملة لشعار M من طراز BMW 760 الآتي بنظام دفع رباعي للعجلات، أو حتى يتجه إلى طراز مرسيدس S 600 مايباخ فالمولسان فخمة ومترفة، لدرجة أنك ستشعر "بالإحراج" من قيادتها! لأشعر طوال فترة قيادتي لها في دبي بأن الناس من حولي ينظرون لي كأني سائق خاص، وسائق خاص خارج أوقات الأعمال الرسمية نظرا لنوعية الملابس الكاجوال التي كنت أرتديها.

البطاقة التقنية لبنتلي مولسان SPEED