لا شك أن صناعة السيارات الصينية من اهم و اكثر الظواهر المثيرة للاهتمام خلال السنوات القليلة الأخيرة, والتي استطاعت الانتقال من مجرد تقليد تصميمات سيارات أوروبية و تقديم جودة سيئة, الي تقديم مستوى غير مسبوق من الجودة والأداء والقيمة مقابل السعر, مما جعلها تشكل تهديد واضح لصناعة السيارات الأوروبية, خصوصا داخل القارة الأوروبية نفسها, و خلال الأشهر الماضية تمت مناقشة مشروع قرار بفرض ضرائب وجمارك ضخمة على السيارات الصينية المستوردة إلى أوروبا, و اليوم تم تمرير القرار بشكل رسمي, وسط اعتراض عمالقة صناعة السيارات الأوروبية و اليكم كل التفاصيل....
خلال اجتماع للمفوضية الأوروبية في نهاية الأسبوع الماضي تم التصويت بقبول قرار فرض ضرائب تصل إلى 45% على السيارات الصينية المستوردة للاتحاد الأوروبي, حيث صوتت عشرة دول اوروبية بالموافقة علي القرار, بينما امتنعت اثني عشر دولة عن التصويت, بينم رفضت دول اوروبية هامة مثل المانيا القرار بشكل واضح.
بعد تسجيل المانيا اعتراضها على القرار, صرح الرئيس التنفيذي لشركة بي إم دبليو أوليفر زيبسي Oliver Zipse: "إن تصويت بالإيجاب على تطبيق جمارك على السيارات الصينية اليوم هو إشارة قاتلة لصناعة السيارات الأوروبية, والمطلوب الآن هو تسوية سريعة بين مفوضية الاتحاد الأوروبي والصين لمنع بدأ صراع تجاري , و الذي لن يستفيد منه أحد" , و تابع قائلا "حقيقة أن ألمانيا صوتت ضد التعريفات الجمركية هي إشارة مهمة وتزيد من فرص التوصل إلى تسوية بالتفاوض".
بينما وصفت شركة مرسيدس بنز قرار تطبيق ضرائب وجمارك تصل إلى 45% على السيارات الصينية "بالخطأ", وطالبت المفوضية الأوروبية بتاخير تنفيذها و السماح للمفاوضات بالاستمرار, وحسب تقرير لوكالة رويترز اعترضت أيضا مجموعة فولكس فاجن الألمانية على القرار ودعت المسؤولين بالمفوضية الأوروبية لايجاد حل سياسي , وأوضح مسئولي الشركة أنه مازال هناك بعض الوقت للوصول لحل قبل بدء تنفيذ القرار في نهاية شهر أكتوبر الحالي.
أوضحت التقارير أيضا أن الصين قد بدأت بالفعل في تطبيق جمارك وضرائب و تعطيل استيراد العديد من المنتجات الأوروبية خصوصا الغذائية منها, والتي وصفها الكثيرين بالإجراءات الانتقامية من تمرير قرار تطبيق ضرائب ضخمة على السيارات الصينية المستوردة للاتحاد الأوروبي.
خلال الأشهر القليلة الماضية قد شاهدنا جميعا الأزمات الكبيرة التي تواجه صناعة السيارات الأوروبية و الأمريكية و التي تضمنت نقص مكونات الإنتاج وتراجع المبيعات وأزمات السيارات الكهربائية وغيرها, و كانت صناعة السيارات الصينية التي الصناعة الوحيدة تقريبا الباقية بالعمل بشكل جيد, و مثل هذا القرار سوف يعرضها إلى خسارة تتخطى أربعة مليارات دولار سنويا من مبيعات سياراتها للأسواق الأوروبية.
حيث أوضحت التقارير أن الصين لديها فائض من انتاج السيارات خصوصا الكهربائية يصل الى ثلاثة ملايين سيارة سنويا, و بعد اتجاه الولايات المتحدة لتطبيق جمارك تصل إلى 100% على السيارات الصينية, لم يعد هناك سوي الاتحاد الأوروبي كنافذة مفتوحة أمام ذلك الفائض, و في حالة تطبيق هذا القرار سوف تتعرض الصناعة لازمة كبيرة لن يستفيد منها أحد كما صرح مسئولي شركة بي ام دبليو.
من وجهة نظري الشخصية يعتبر الخطر الأكبر الذي يواجه صناعة السيارات الأوروبية حاليا, هو الإجراء الانتقامي الذي من الممكن ان تتجه اليه الصين, وهو منع بيع السيارات الأوروبية هناك, و التي الضربة الأخيرة لعدد ليس بقليل من الشركات الأوروبية, و التي يشكل السوق الصيني أكبر نسبة مبيعات عالمية مثل مجموعة فولكس فاجن و غيرها, بالإضافة إلى وجود عدد كبير من مصانع الشركات الأوروبية بالسوق الصيني, و التي اذا تم إغلاقها سوف تتسبب بالمزيد من الخسائر أيضا.