في عام 2020.. العالم يطير على الأرض والمركبات الكهربائية تغزو الطرقات لكنّ مصر لها رأي آخر؟!
عن المشروع الطموح المستقبلية: هايبرلوب والمركبات الكهربائية. الخوف من التقنيات الجديدة بغياب الاستعداد والإهتمام. القطارات الكلاسيكية وتأثير المشاريع الكبرى على البيئة والاقتصاد.
بقلم : م .أحمد عمار
عندما قرأتُ عن المشروع الطموح المُسمى بـ"هايبرلوب" (Hyperloop) للعبقري إيلون ماسك Elon Musk، الذي يزعم بقدرته على نقل الأفراد والبضائع على الأرض في "كابسولات" داخل أنابيب بسرعة تصل إلى 1200 كم/ساعة مع ضمان أن يكون أكثر أمانًا من طائرات الركاب.. بل وأقل تكلفة في التشغيل والإنشاء والصيانة.. ليوصف هذا النظام بأنه نظام نقل "ذاتي" عالي السرعة عبر أنابيب مُنخفضة الضغط وخالية من الهواء.. تستطيع الكابسولات الموجودة في داخلها بالتنقل بسرعة "كبرى" من سرعة الطائرة التي تُقدّر سرعتها بـ800 كم/ساعة في أغلب أوقات الطيران.. لتحصل هذه الكابسولات على محركات خاصة بضغط الهواء "ضغط هائل سيؤهلها للوصول إلى هذه المعدلات من السرعة".
يصف البعض هذا المشروع بقطار فائق السرعة، ولكن في الحقيقة يجب أن نفهم أن هذا الوصف "خاطئ" تماما.. فأسرع قطار في العالم والموجود في اليابان تصل سرعته إلى 431 كم/ساعة، أما هذا "الشيء" فيستطيع الوصول إلى ثلاثة أضعاف هذه السرعة تقريبًا!
المُشكلة أو الجزء المثير لا يرتبط بمدى ذكاء أو طموح إيلون ماسك أو مدى فعالية هذا المشروع "الجميل" الذي لا يُهمنا كمصريين بأي صورة من الصور.. فنحن نُحب وسائل تنقلنا.. نحب سياراتنا ونحب قطاراتنا الكلاسيكية التي يفوح منها "عبق" التاريخ.. نُحب المراكب السياحية "النظيفة" و"غير" الملوثة للبيئة.. نُحب طريقة تفكيرنا عمومًا في "زيادة" أقصد تقليل مُعدلات التلوث وإنتاج المزيد من الطاقة النووية.. أقصد مرة أخرى طاقة نظيفة كالدول التي يعتبرها الكثيرين دولا "مُتقدمة" مثل ألمانيا وهولندا.. الجزء المثير الذي أشعرني "بالرعب" هو قراءتي خبرًا هو أن أول مشروع لهايبرلوب سيكون في دولة الإمارات العربية الشقيقة.. ليُخطط أن يربط ما بين دبي وأبوظبي في 12 دقيقة فقط، ويستطيع أن ينقلك من دبي إلى العاصمة السعودية الرياض في أقل من 50 دقيقة.. هذا الخبر أفزعني.. ليس لأني أكره الخير لأشقائنا في دولة الإمارات العربية المتحدة بالطبع! ولكن لأن هذا الخبر أشعرني أن المستقبل قريب للغاية! وأن شكل طريقة "التنقل" في المستقبل ستتغيّر تمامًا.. ونحن في مصر لا ندرك ما هذا الشيء! ولا ندرك معلومات مُهمة أخرى.. مثل أن المركبات الكهربائية والهجينة هي التي ستُمثّل المستقبل على الطرقات.. المُستقبل لتوفير الوقود.. المُستقبل في تقليل مُعدلات إنتاج غازات أول وثاني أكسيد الكربون الملوّثة للبيئة.. المستقبل يشمل أشياء لا نفهمها ولا نريد استخدامها! ولكي يكون هذا التقرير مفيدًا سأعرض لكم في نقاط بسيطة أهم هذه الوسائل المستقبلية وموقفنا منهم في مصر:
1-المركبات الكهربائية والهجينة.
2-القطارات فائقة السرعة "ستكون وسيلة كلاسيكية في المستقبل".
3-هايبرلوب Hyperloop.
المركبات الكهربائية والهجينة: توفّر ملايين الأطنان من غازات أول وثاني أكسيد الكربون، تتجه إليها أغلب حكومات الدول المتقدمة في أساطيل حافلتها للمواصلات العامة ويستخدم المواطنون السيارات الكهربائية التي تحتاج إلى تأمين "أقل ثمنًا" ويدفع لها ضرائب أقل، تشجيعًا من الحكومات لتقليل مُعدلات التلوث وتقليل الاحتياج إلى الوقود البترولي الذي نستورده بالمناسبة في مصر بملايين أو مليارات الدولارت الأمريكية.. هذه النوعية من المركبات تعمل بمحركات كهربائية تعتمد على بطاريات أيون الليثيوم وتحتاج إلى محطات شحن وإلى بنية تحتية خاصة.. لا نعرف عنها شيئًا في مصر ولا نخطط لها.. يجب البدء فورًا في فرض قوانين تُشجّع استيراد هذه السيارات، فإن كنا "سنستورد" فلنستورد مركبات تُقلل من احتياجتنا للوقود البترولي وتقلل من معدلات التلوث التي ستدمّر مناخنا في المستقبل القريب إن لم نتحرك من الآن!
القطارات فائقة السرعة.. لا يوجد هذا الاختراع في مصر، ويحتاج السائحون إلى 13 ساعة للانتقال من القاهرة إلى أسوان! 13 ساعة كاملة! فتخيّلوا إن كنّا نملك قطار فائق السرعة كان سيختصر الوقت اللازم إلى 3 ساعات على الأكثر، قطاراتنا الكلاسيكية هي "مزعجة" بمقاييس هذه الأيام فما بالك بالمستقبل؟
هايبرلوب.. أعلنت شركة هايبرلوب أنها تدرس مع شركة "ماكينزي آند كو" ومؤسسة شركة "بي آي جي" التي تضم فريقًا من المهندسين أصحاب الخبرات الواسعة، جدوى هذا المشروع بصورة دقيقة لتشغيله بتوسّع في دولة الإمارات العربية المتحدة.. ليعلنوا أن دراستهم تحتاج إلى ستة أشهر وأن الهايبرلوب سيربط المدن الإماراتية في أقل من خمس سنوات ليكون الاستخدام الأول له في نقل الحاويات من البواخر في ميناء جبل علي إلى مستودع حاويات دبي.. فعندما ظهرت فكرة هذا المشروع هرعت الإمارات وشركة موانئ دبي العالمية إلى توقيع مذكرة التفاهم مع هذه الشركة الثورية.. فتخيّلوا هذا المشروع الطموح إن نجح بصورة فاعلة وأصبح يربط القارات من شرقها إلى غربها بسرعة 1200 كم/ساعة وبتكلفة أقل من الطائرات.. هل فكرنا في تأثير هذا المشروع على قناة السويس؟ هل فكّرنا في كيفية إفادة قناة السويس بهذا المشروع؟
في النهاية، أستطيع أن أضع خلاصة هذه الكلمة أو التقرير في النصيحة التالية لحكومة بلدي الحبيب وإلى رئيسنا السيد عبد الفتاح السيسي.. استثمروا أموال القروض في هذه المشاريع! جهزوا بنية تحتية للمركبات الكهربائية والهجينة لنوفّر من استهلاك الوقود البترولي ونحسّن من مناخنا المُتضرر للغاية.. خصوصا في القاهرة، فلنربط مصر بقطارات فائقة السرعة ولنُشجع السائحين على اكتشاف مصر بطريقة آمنة وسريعة وفعالة وتليق بحضارتنا.. فلندرس كيفية الاستفادة من هايبرلوب قبل أن يستخدمه الجميع من حولنا ويقلّل فرص نجاح قناة السويس في المستقبل والتي تمر في هذه السنوات بأوقات عصيبة.. يجب أن ندرس كل تقنية قد تنفع أو تضر هذا المشروع.. إن استثمرنا في هذه النقاط الثلاثة فقط مصر ستكون دولة "أخرى" في عام 2020، أما إن أكملنا التطور بهذا البطء سيطير العالم من فوقنا وبجانبنا وسنكون دولة "مُتخلفة" بسنوات ضوئية عن من حولنا.. والأهم سنكون أصحاب أعلى مُعدلات تلوث في المنطقة ولن يُحب السائحون بلادنا غير "النظيفة"!