قصة لانوس مصرية والسبب الحقيقي لإرتفاع أسعار السيارات !
فصحى الماضي كتبت مقال عن تخفيض أسعار السيارات في مصر، آراء زملائي مختلفة، تجربة صديق في شراء سيارة بأغلى ثمن وتعامل التجار وتأثير السوق.
فصحى الماضي كتبت مقال عن تخفيض أسعار السيارات في مصر، آراء زملائي مختلفة، تجربة صديق في شراء سيارة بأغلى ثمن وتعامل التجار وتأثير السوق.
في العام الماضي كتبت مقال تحت عنوان "متى ستنخفض أسعار السيارات في مصر" ...لأناقش أفكاري في الأسباب المنطقية التي ستؤدي إلى تخفيض سعر تقديم السيارات في سوقنا المحلي الذي انهالت عليه الضربات والأزمات بصورة مؤسفة في العاميين الماضيين .
رؤى الكثير من زملائي كانت ضد أفكاري ...فالكثير يرى أن أسعار السيارات من المستحيل أن تنخفض ...وهو الأمر الغير صحيح بصورة أو بأخرى من وجهة نظري...فالكثير من الشركات قدمت بالفعل الكثير من التخفيضات على سياراتها المعروضة بسبب إنخفاض "طلب" الشراء ...والبعض الأخر قام برفع أسعار سيارته بسبب زيادة الطلب على سيارته وقلة "المعروض" ....ليكون السبب المباشر في كلا الحالتين هو المستهلك وطبيعته وتصرفاته "الخاطئة" التي تؤدي في نهاية المطاف إلى عدم "تخفيض" أسعار السيارات أو حتى زيادتها في بعض الأحيان مع ظهور فكرة الـ “Over pricing” البغيضة ! وطبعا من الناحية الأخرى من المُمكن أن تؤدي تصرفاته وطريقته في تخفيض سعر السيارات...ولأثبت صحة وجهة نظري تابعوا القصة التي سأسردها عليكم في السطور التالية !
تلقيت مكالمة هاتفية من أحد أصدقائي المُقربيين الذين يعملون في المجال الصناعي مُنذ شهر تقريبا... ...صديقي يحتاج إلى سيارة "شيفروليه لانوس" لشركته ...سيارة اقتصادية تُصنع في مصر ويقف ورائها شركة عالمية تعمل بمعايير وقواعد ..ومعها وكيل ممتاز هو المنصور للسيارات فمن المفروض أن الحصول عليها سيكون سهلا ...ولكن للأسف لم يستطع الحصول على سيارة.. ...ليطلب مني مساعدته لايجاد سيارة له بلون "رمادي" ...حاولت مساعدته عبر شركة أصدقائي المُقربين العاملين في تجارة السيارات ولكني لم أستطع الوصول لأي سيارة "لانوس".
قبل مهاتفتي ....قام صديقي بالسؤال والبحث بنفسه عن طراز لانوس ..وكانت البداية مع الوكيل "المنصور للسيارات "..ليحصل على إجابة بأن السيارة غير متوفرة في الوقت الحالي بسبب توريد كمية كبيرة من هذه السيارة لجهاز سيادي في الدولة ...لذا فيجب عليه البحث عنها عند الموزعين والتجار الكبار ...وفعلا بدأ صديقي في البحث عن السيارة لعدة أسابيع ...حتى استطاع الاتفاق مع أحد مندوبي البائعين في إحدى الشركات الشهيرة في تجارة السيارات على ايجاد سيارة له...وكان هذا يوم خميس من أيام الأسبوع....ليعده مندوب المبيعات بأنه سيجد له سيارة ولكن سعرها سيكون "أغلى" من السعر الرسمي ...وسيبلغ 163 ألف جنيه مصري ...يوم السبت التالي.. قام مندوب المبيعات بطلب صديقي واخباره بأن السيارة موجودة باللون المطلوب ...ليقوم صديقي بعد ساعة بالضبط من المكالمة الهاتفية بالتوجه إلى الشركة.....وأخذ معه ثمن السيارة بالكامل "كاش" ....ليقابل المندوب الذي فاجئه بأن السيارة بات سعرها 164 ألف جنيه مصري ...وهو سعر أغلى ب 1000 جنيه على السعر المتفق عليه ...بل وأغلى كثيرا من السعر الرسمي للسيارة ...ليقوم صديقي "برفض" دفع المبلغ الزائد ...وعند سؤاله عن سبب الزيادة ...أخبره المندوب أن ظروف السوق صعبة وأن السيارات غير متوفرة ...وبعد الكثير من المنواشات والمسرحيات الفاشلة التي قام بها مندوب المبيعات طلب صديقي تخفيض السعر الجديد أو الإلتزام بالإتفاق ..ليقوم المندوب برفض تقليل السعر لأنه شعر "بحاجة" صديقي و رغبته في الحصول السريع على السيارة ! ولكن صديقي قال انه مُستعد لشراء السيارة أغلى ثمنا في وقت لاحق على أن يتم "لوي ذراعه" .....وفعلا قام صديقي بأخذ المبلغ والخروج من الشركة ....
بعد هذه الواقعة بيومين قام المندوب بمكالمة صديقي ومحاولة اقناعه أن السيارة سيغلى ثمنها وأن مصلحته "تنصب" في الحصول عليها على الفور ..ولكن صديقي أبى أن يدفع الفرق ...وقرر أنه سيبحث عنها مجددا ...وفعلا قام صديقي بالتوجه إلى موزع أخر لشيفروليه في منطقة القطامية ...ليخبره المندوب أن السيارة غير متوفرة وانها ستتوفر في عد أيام ولكن بسعر أغلى قد يصل إلى 175 ألف جنيه مصري !! كل هذا وسعر السيارة الرسمي لم يزيد في الأساس ...والدولار لم يزيد ولا يوجد سبب منطقي للزيادة ..ليقرر صديقي أنه لن يتم لي ذراعه تحت أي سبب .....
تشاء الأقدار أن يقوم صديقي بأخذ سيارة والدته من طراز مرسيدس للصيانة في مركز الشركة في القطامية بعدها بعدة أيام....وعند خروجه من المركز قرر الدخول مرة اخرى لمركز المنصور "الوكيل الرسمي للشركة" ...ليفاجئ بأن السيارة موجودة ....والأهم انه حصل عليها بسعر 158 و 500 جنيه مصري !! أي بفارق 5500 جنيه مصري عن سعر التاجر الذي أراد بيعها له ....مع العلم بان الفارق كان سيزيد بصورة أكبر ان كان قام بشرائها من الموزع الرسمي الأخر ! الذي صرح بأنه ينوي ببيع السيارة بسعر قد يصل إلى 175 ألف جنيه مصري !!
هذه القصة تشرح ببساطة ما يفعله التجار في مصر ...ويشرح طبيعة المستهلك الذي تزيد من "جشع" هؤلاء التجار ...فلو كان التاجر قد أخذ السيارة من الوكيل الرسمي بدون أي تخفيضات وقام باعادة بيعها بسعر 163 ألف جنيه مصري ...كان سيحصل على مكسب سريع ومباشر يُقدر بـ 4400 جنيه مصري ..مع العلم بأن الموزعين يحصلون على امتيازات سعرية بالطبع ..ولكنه يضع الزيادة على حسب "زنقة" العميل ..لا يوجد قانون أو سبب للزيادة ...بل إن التجار والوكلاء يستطيعون تقليل وتخفيض سعر عرض السيارات إن ارادوا "في الكثير من الحالات"......لذا فأنا أنصح جميع المستهلكين بعدم شراء أي سيارة بأغلى من ثمنها الرسمي ..لأن ببساطة ...سوق السيارات خسر قرابة الـ 55% من اجمالي مبيعات أفضل حالات السوق التي وصلت قبل الثورة إلى 300 ألف سيارة تقريبا ...فالتجار يريدون تعويض الانخفاض في "مكاسبهم" برفع الأسعار بصورة غير مبررة ...ظاهرة الـ “over price” هي احدى أهم الأسباب في عدم خفض سعر السيارات في مصر ..ان قام المستهلكين برفض الشراء بهذه الطريقة ...بل والإمتناع عن شراء السيارات ذات الثمن المرتفع بصورة غير مبررة ..ستبدأ الأسعار في الانخفاض ...وأنا اتوقع ان تقوم كل الشركات بتقديم نُسخ أقل تجهيزا من سيارتها لتوفير "حجة" لتخفيض سيارتهم ...كما قامت احدى الشركات اليابانية مع احدى طرازتها الشهيرة ......العملة الأجنبية بدأت في التوافر وسعر الدولار بدأ يستقر وكل المعطيات يُمكن أن تساعد الشركات في تخفيض أسعار سيارتها ...ولكن إن اقتنع المُستهلك ان الإنخفاض "مُستحيل" فطبعا ستستغل الشركات والتجار هذا الانطباع وسيقوموا برفع الأسعار وليس تخفيضها !!