تأجيل خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي لمدة 3 أشهر .. هل هو طوق النجاة الأخير؟
كانت الخطة الأصلية تتمثل في خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بنهاية شهر مارس الفائت. تم تأجيل خروج بريطانيا لمدة 3 أشهر أخرى. الخلاف بين المعارضة و رئيس الحكومة. توقعات بتسريح أعداد كبيرة من العمالة.
بقلم/ طارق عبدالله.
كانت الخطة الأصلية تتمثل في خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بنهاية شهر مارس الفائت. الا ان عدم الوصول الى خطة إنسحاب ترضي جميع الأطراف, قد تسبب في تأجيل خروجها الى نهاية شهر أكتوبر الحالى. و منذ ساعات قليلة, وصل الى علمنا انه تم تأجيل خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي "البريكست" لمدة 3 أشهر أخرى. فما السبب؟ و ما تبعات هذا القرار إقتصادياً على مجال صناعة السيارات في إنكلترا؟ و ما مدى تأثير ذلك القرار على أسعار السيارات في مصر؟
ما السبب وراء كل تلك الفوضى؟
يكمن السبب بالكامل في الخلاف الواقع ما بين المعارضة في البرلمان و رئيس الحكومة جونسون. تم رفض خطط كثيرة بلغ عددها 3 خطط تقريبا من قبل المعارضة في البرلمان على مدار الأشهر الفائتة. الأمر الذي أدى الى إحتدام الصدام ما بين رئيس الحكومة و المعارضة في البرلمان. فما كان من رئيس الحكومة, الا ان صرح بإستخدام الإنتخابات العاجلة و المبكرة اذا ما تم تأجيل خروج بريطانيا مرة أخرى من الإتحاد الأوروبي.
ما التبعات الإقتصادية وراء مثل هذا القرار؟
منذ الإعلان الأول عن ذلك القرار و التصريح بنتيجة الإنتخاب الموافقة بواقع 53% من بين 30 مليون ناخب, واجهت البورصة إنحداراً شديداً لفترة ليست بالقصيرة. بجانب إنخفاض سعر العملة مقابل الدولار الأميريكي, الأمر الذي لم يحدث بدوره منذ عام 2001. على الصعيد الآخر, قام قطاع السيارات في أوروبا بالإتحاد و إرسال مذكرة رسمية للإعراب عن قلقه و توقعه لخسائر فادحة في رؤوس الأموال من ناحية و التى تقدر ب 50.000 يورو في الدقيقة الواحدة! و من ناحية أخرى, توقعات بتسريح أعداد كبيرة من العمالة في مجال صناعة السيارات الأوروبية و البالغ عددهم 13.8 شخص. شلل إقصادي تام و ضربة موجعة للمملكة التى لا تغيب عنها الشمس!
مع العلم, بان جاكوار و لاند روفر قد قامت بالفعل بتوقف خطوط الإنتاج نسبة للخطط السابقة عن الإنفصال في بداية نوفمبر. كذلك صرحت شركة تويوتا اليابانية انها ستتوقف عن التصنيع بمصنعها الكائن في بريطانيا الأول من نوفمبر. و أخيراً, BMW التى ستقوم بإيقاف الإنتاج في مصنعها الكائن بأكسفورد. كل تلك الخطط كانت موضوعه على أساس ميعاد الإنسحاب المرتقب.
الجدير بالذكر, ان النسبة العظمى من تلك المصانع ذات جنسيات مختلفة في الأصل, فلا يوجد اى قرار أسهل من العودة الى البلد الأم و الإنسحاب من تلك الظروف الإقتصادية الرمادية المبهمة.
ها نحن ذا مرة أخرى, بعد ان قامت المصانع بالتوقف شهر أبريل تحسباً لميعاد الخروج الأول, قامت بالتوقف مرة أخرى تحسباً لميعاد الخروج الثاني, و الآن تستعد للتوقف مرة أخرى لميعاد الخروج الثالث!
ما مدى تأثير ذلك القرار على أسعار السيارات في مصر؟
قبل ان نجيب عن هذا السؤال, نحن بحاجة الى الإجابة عن سؤال أوقع و أهم. الا و هو, ما هى السيارات التى تصنع في بريطانيا و تأتى لنا هنا في مصر؟ ما هى الشريحة السعرية التى تمثلها تلك الفئة من السيارات؟
في واقع الأمر, ان الغالبية العظمى من تلك السيارات تعد سيارات فاخرة حتى و ان كانت بدرجة بسيطة. من ضمن تلك السيارات, هى نيسان قاشقاي, نيسان جوك. و من ثم سيارات ميني هاتش باك و كابريولية و كلوبمان.
إنتهاءً بسيارات جاكوار, لاند روفر و بينتلي الفاخرة.
اما عن التأثير المتوقع لتبعات هذا القرار على تلك السيارات بالتحديد, فهناك عدد 2 سيناريو لا مفر منه.
السيناريو الأول, هو ان تستطع تلك العلامات التجارية ان تصنع تلك السيارات في بلاد واقعة داخل الإتحاد الأوروبي بدلاً من إنكلترا. الأمر الذي بدوره يتطلب وقتاً و جهداً وأموالاً وفيرة. لا يمكن القيام بمثل هذا القرار بسهولة.
السيناريو الثاني, انه ستستمر تلك المصانع في العمل بإنتاج تلك السيارات, و بالتالى وقوع خسارة كبيرة في مميزات تلك السيارات المعفاه من الجمارك.
و قد سألنى أحد القراء, الا يمكن لإنكلترا ان تقوم بإبرام الإتفاقيات الإقتصادية فقط بدون الإنضمام للإتحاد الأوروبي؟
في الواقع, ان ذلك الأمر مستحيلاً بكل بساطة. و يرجع السبب وراء تلك الإستحالة انه ان حاولت بريطانيا ان تقوم بإبرام تلك الإتفاقيات التجارية, يجب عليها تنفيذ حوالى 95% من شروط الإنضمام للإتحاد الأوروبي. و هو الأمر الذي قامت بدورها منذ لحظات بالإنفصال و الإبتعاد عنه!
فلا أعتقد انهم سيقومون بإعادة إختراع العجلة مرة أخرى.
الأمل الوحيد لمستقبل صناعة السيارات الأوروبية في مصر, ان تقوم جمهورية مصر العربية بإبرام إتفاق إقتصادي مستقل بين البلدين وحدهما بخصوص إستيراد السيارات المصنعة في إنكلترا. و هو الأمر الذي أجده من وجهة نظري صعباً بدرجة الإستحالة.
فالسوق المصري ليس بتلك الدرجة من القوة و الأهمية في مثقال صناعة السيارات الإنكليزية. إن كنّا نتحدث مثلا عن السيارات الآسيوية في مصر, فلربما يمكن التوقع بحدوث مثل تلك الإتفاقيات. و لكن في حالة السيارات الإنكليزية بالتحديد, لا أتوقع حدوث مثل هذا الأمر.
شاركنا برأيك عزيزي القارئ, ماذا تتوقع ان يحدث لمستثبل صناعة السيارات الإنكليزية في مصر؟