صفقة استحواذ مجموعة PSA الفرنسية على علامتَي أوبل وفوكسهول وتأثيرها على سوق السيارات العالمي !
السوق العالمية للسيارات تتغيَّر مع استحواذ PSA على أوبل وفوكسهول، مما يجعلها ثاني أكبر مُصنّع للسيارات في أوروبا وتدخل بقوة في السوق الإنجليزية. التأثير على مصر يتطلب متابعة دقيقة.
السوق العالمية للسيارات تتغيَّر وموازين القوى تختلف مرة أخرى!
تقرير أحمد عمار
في السادس من شهر مارس الماضي للعام الحالي "2017"، أعلنت مجموعة PSA الفرنسية "بيجو وسيتروين" ومجموعة جنرال موتورز الأمريكية العملاقة تفاصيل استحواذ المجموعة الفرنسية على علامتَي أوبل الألمانية وفوكسهول البريطانية اللتين تعملان تحت لواء جنرال موتورز لمدة تزيد على 90 عامًا، لتعني هذه الصفقة تغيّر قواعد "اللعبة" تمامًا في سوق السيارات العالمية على وجه العموم والأوروبية على وجه الخصوص، فبعد هذه الصفقة ترتقي PSA لتكون صاحبة المركز الثاني كأكبر مصنّع وبائع للسيارات في أوروبا وذلك بعد مجموعة فولكس فاجن الألمانية العملاقة.. الموضوع مُعقّد أكثر مما يبدو عليه، ولكن قبل شرح تداعياته وتفاصيله، دعونا الأول نفهم حجم وتفاصيل هذه الصفقة.
صفقة بقيمة 2.2 مليار يورو لشراء بي إس ايه PSA لأوبل وفوكسهول
تمّ إعلان أن صفقة بيع أوبل وفوكسهول بلغت 2.2 مليار يورو، على أن يتم دفع 1.3 مليارات يورو كدفعة أولى، ثم 0.9 مليارات يورو، مع العلم بأنّ هذه الصفقة تأتي بتمويل من بنك BNP Paribas الفرنسي الشهير والذي يشارك بـ50% من قيمة عملية التمويل.
لا تقف الصفقة عند القيمة النقدية فقط، فجنرال موتورز حصلت على مجموعة ليست بالصغيرة من الأسهم "الصامتة" في مجموعة PSA الفرنسية، فبعد 90 عامًا من استحواذ جنرال موتورز سيكون من "عدم الذكاء" التفريط في مُستقبلها بشكل كامل ونهائي، وهذا على الرغم من أنّ علامتي أوبل وفوكسهول قد كلفتا GM خسائر مالية مُنذ عام 1999 تقريبًا.
تضمّ عملية استحواذ PSA على علامتَي أوبل وفوكسهول، الحصول على 6 مصانع للتجميع و5 مصانع أخرى للإنتاج ومركز للأبحاث والتطوير، لتوجد هذه المصانع والمراكز في سبع دول، هي ألمانيا وإسبانيا وبولاندا وروسيا وإنجلترا والنمسا والمجر.
ما هي النتائج الأوّلية لهذه الصفقة؟!
النتيجة الأولى والمباشرة هي انتقال مجموعة بيجو وسيتروين PSA إلى المركز الثاني لأكبر مُصنّعي السيارات الأوروبيين، لتزيح شركة رينو من طريقها وتأتي خلفًا لمجموعة فولكس فاجن الألمانية مباشرة، فـPSA استطاعت بيع 3.146 مليون وحدة حول العالم في 2016.. مع استطاعة علامتَي أوبل وفوكسهول بيع 1.16 مليون وحدة حول العالم في نفس العام.. ليعني ذلك أن إجمالي مبيعات PSA ستقفز إلى أكثر من 4.2 مليون نُسخة حول العالم وذلك مقارنة بـ3.18 مليون نسخة مبيعة لرينو حول العالم، مع العلم بأنّ مجموعة فولكس فاجن استطاعت بيع 10.3 ملايين وحدة مبيعة حول العالم في عام 2016.
النتيجة الثانية المباشرة أيضًا هي حصول PSA على مصنع لها في المملكة المُتحدة عبر علامة فوكسهول! لتستطيع المجموعة الدخول في المنافسة الفعلية في السوق الإنجليزية التي ستختلف شكل المنافسة فيها خلال الفترة المقبلة بسبب خروج المملكة المُتحدة من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي خروجها من قوانين التجارة الحرة الأوروبية التي ستُصعب المنافسة على الطرازات التي تُصنع خارج المملكة المتحدة.
النتيجة الثالثة من وجهة نظري، هي تخطيط PSA لدخول أسواق جديدة عليها عبر طرازات أوبل وفوكسهول.. فالكثيرون لا يعرفون أن PSA "بيجو وسيتروين وDS" لا تبيع سياراتها في الولايات المُتحدة الأمريكية ولا كندا ولا الهند! فالآن تمتلك المجموعة الفرنسية طرازات بفكر وفلسفة مُختلفة عن سيارتها "الفرنسية" للغاية وتستطيع وضعها في حساباتها المُستقبلية.
النتيجة الرابعة : هي الخروج الفعلي لجنرال موتورز من المنافسة في أوروبا، فالمجموعة الأمريكية لن تبيع إلا طرازات شيفروليه كورفيت وكامارو بالإضافة إلى عدد محدود من طرازات كاديلاك في أوروبا.
ما نتوقّعه بعد الصفقة الجديدة؟
أعلنت PSA عن خُطتها لتحسين أوضاع أوبل وفوكسهول لتتحوّل خسائرها إلى مكاسب مالية في غضون ثلاث سنوات فقط.. وأنا أتوقّع شخصيًّا أن تتجه الإدارة الفرنسية الجديدة إلى تقليل عدد الموظفين العاملين في أوبل وفوكسهول والذي يتجاوز 35 ألف موظف، بالإضافة إلى وضع خطط جديدة للاستخدام المُشترك في المكونات الميكانيكية والكهربائية بين طرازات المجموعة لتقليل تكلفة الإنتاج.
هذا وبدأت تصريحات إيجابية من ماتياس مولر المدير التنفيذي لمجموعة فولكس فاجن الألمانية العملاقة، الذي يبدو منفتحًا لتصريحات سيرجيو ماركيوني المدير التنفيذي لمجموعة فيات كرايسلر التي تُشير إلى فكرة الاندماج مع مجموعة فولكس فاجن لمواجهة المجموعة الفرنسية التي باتت أقوى من أي وقت مضى بعد صفقة الاستحواذ الجديدة! فيمكن أن تحمل الأيام المقبلة مزيدًا من الاستحواذات والاندماجات بين الشركات العالمية.. لنجد تكتلات عملاقة لا تقبل المنافسة من الشركات الجديدة، ولنوضّح هذه الفكرة يكفي أن تعرفوا أن مجموعة DongFeng موتور الصينية تمتلك 13.68% من أسهم مجموعة PSA كاملة! فالصينيون يستثمرون في التكتلات العالمية بشكل واضح وعنيف حتى يقدروا على الوجود في المُستقبل.. بصورة أكثر تقدمًا وتطورًا وطبعًا أكثر ربحًا!
تأثير صفقة PSA على علامة أوبل في مصر؟!
لا أعتقد أن نرى اختلافًا جوهريًّا وواضحًا لظهور أوبل في السوق المصرية، فالمنصور للسيارات هو مَن يبيع ويصون طرازات هذه العلامة في مصر، وذلك بإشراف ومتابعة مكتب جنرال موتورز في مصر، فالتغيير الذي أتوقّع حدوثه هو عدم وجود "صفة" لمتابعة مكتب جنرال موتورز لأعمال المنصور للسيارات بخصوص علامة أوبل فقط في مصر.. وهو أمر سلبي بالطبع لملاك طرازات أوبل في مصر، لأن وجود مكتب للشركة العالمية في بلدك هو أمر مُطمئن نوعًا ما وسيُشعرك بتعامل أفضل وأكثر رقيًّا ووضوحًا من الشركات المحلية المُمثلة للعلامات الكبيرة في مصر دون وجود مُمثل الشركة الأم لمتابعته، ولكننا في النهاية يجب أن لا ننسى أن المنصور للسيارات اسم كبير ولن يُفرّط في ثقة عملائه وعملاء علامة أوبل في مصر بسهولة.