تجربة لامبورجيني هوراكان LP 580-2
لامبورجيني هوراكان.. سيارة إبداعية تجمع بين الكفاح والإبهار بناء هندسي يضمن وزنًا أقل وأداء يليق بشعار الثور الهائج محرك 10 أسطوانات قوي جدا للدفع الخلفي
لامبورجيني هوراكان.. سيارة إبداعية تجمع بين الكفاح والإبهار بناء هندسي يضمن وزنًا أقل وأداء يليق بشعار الثور الهائج محرك 10 أسطوانات قوي جدا للدفع الخلفي
تجربة : م.أحمد عمار / دبي - الامارات العربية المُتحدة
شكر خاص : لدبي كريك للجولف ونادي اليخت Special thanks to Dubai Creek Golf and Yacht Club
تصوير: عمر الشربيني
قدّمت لامبورجيني طراز هوراكان لأول مرة عام 2014 عبر جناح الشركة في معرض جنيف الدولي للسيارات، ليحلّ بديلًا عن طراز جالاردوا الذي يُعدّ أكثر طرازات الشركة مبيعًا طوال تاريخها، ليتمّ تقديمه في البداية عبر نُسخة LP 610-4 الكوبيه ذات النظام الرباعي لدفع العجلات، ومِن بعده تم تقديم النسخة المكشوفة Spyder منه عام 2015 عبر معرض فرانكفورت الدولي للسيارات، وأخيرًا تم تقديم النسخة ذات الدفع الخلفي للعجلات مِن هوراكان الحاصلة على الرمز LP 580-2 في بداية عام 2016، لتكون هذه الفئة هي موضع اختبارنا في هذا التقرير.
تقوم لامبورجيني بتسمية طرازاتها تيمنًا بالثيران الإسبانية المقاتلة، ليُطلق اسم هوراكان على ثور إسباني شجاع قام بتقديم نزال رائع عام 1879، مع العلم بأنّ هوراكان هو اسم إله الرّياح والأعاصير والنار عند قدماء المايا.. لتستطيع أن تنظر إلى هذا السيارة بنظرتين مُختلفتين! الأولى كثور من ثيران لامبورجيني المقاتلة والقوية.. والثانية كإله أسطوري قوي يُقدّسه الكثيرون ويهتم الجميع به ويفرحون برؤيته.. هذا الطراز كجميع طرازات لامبورجيني ليس مُجرّد سيارة رياضية ناجحة، بل أسطورة تحمل في طيّاتها الكثير من الكفاح والإبداع والإبهار بالطبع.
يحصل طراز هوراكان على هيكل "شاسيه" من الألومنيوم والألياف الكربونية مع جسم خارجي من الألمونيوم.. ليصل وزن هذا الطراز إلى 1389 كجم ليُعدّ أخفّ وزنًا من نُسخة الدفع الرباعي لهوراكان "LP 610-4" بمقدار 30 كجم.. ليكون فارقًا ليس بالكبير لكنه سيُؤثّر إيجابيًّا في تقليل فارق الأداء العام الناتج من فرق القوة البالغ 30 حصانًا، فلامبورجيني خفّضت كيلوجرامًا واحدًا لكل حصان أقل.
لا تقتصر الفروقات بين نسختَي الدفع الخلفي والرباعي على فرق الوزن والقوة، بل تطول الفروقات الشكل الخارجي ونسبة توزيع الوزن بين المقدّمة والمؤخّرة.. فتحصل نسخة LP 580-2 ذات الدفع الخلفي -موضع تجربتنا- على توزيع للوزن يبلغ 60% للمؤخرة و40% للمقدّمة بسبب الاستغناء عن الجزء الخاص بتوصيل قوة المحرك للعجلات الأمامية.. لذا قامت لامبورجيني بتوفير مُقدّمة أمامية بشكل مُختلف لهذا الطراز، تعتمد على فتحات تهوئة كبرى في الصادم الأمامي والتي ستؤول إلى زيادة مقدار الضغط الهوائي وقوة الضغط السفلية على المُقدّمة لوزن السيارة وتحسين معدلات التماسك التي ستحتاج إليها هذه السيارة ذات الدفع الخلفي التي ستفتقد بالطبع بعضًا من معدلات تماسك النسخة الأقوى ذات الدفع الرباعي للعجلات.. كما تمّ الاستغناء عن الجناح الخلفي المُتغيّر الذي نجده LP 610-4 ليتم استبداله بجناح ثابت صغير، مع العلم بأن قواطع الهواء الخلفية تم رفعها للأعلى قليلًا ليتم وزن معدلات الضعط السفلية بين المُقدّمة والمؤخّرة.
تزوّد نسخة الدفع الخلفي من هوراكان الحاصلة على الرمز الكودي LP 580-2 بنُسخة "أٌقل" قوة من المحرك ذي الأسطوانات العشرة V10 الموفّر أساسًا في نسخة الدفع الرباعي لهوراكان، والذي نجده أيضًا في طراز أودي R8 V10 Plus، ليأتي المحرك بنفس المواصفات التقنية الأساسية لكن بقوة أقل بمقدار 30 حصانًا فقط عن النسخة الأقوى.
يأتي هذا المحرك بسعة 5.2 لتر "5204 سي سي" موزعةً على عشر أسطوانات اصطفّت على شكل حرف V ذي سحب طبيعي للهواء، ليقدر هذا المحرّك المزوّد بنظام الحقن مُتعدّد النقاط للوقود ونظام الحقن المباشر للوقود مِن استخراج قوة 580 حصانًا عند 8000 دورة في الدقيقة و540 نيوتن-متر للعزم الأقصى للدوران عند 6500 دورة في الدقيقة، مع العلم بأن نسبة الانضغاط الداخلية لهذا المحرك تأتي مرتفعة للغاية وتبلغ 12.7:1 لتوفر تجاوبًا عنيفًا ومميّزًا لهذا المحرك الذي يستطيع الوصول فعليًّا إلى عدد من دورات المحرك يزيد على 8500 دورة في الدقيقة.
يوصل هذا المحرك بصندوق سرعات لامبورجيني الأوتوماتيكي الرياضي ذي السرعات السبعة ونظام التعشيق المزدوج للتروس الحاصل على اسم "LDF "Lamborghini Doppia Frizione الذي يدعم وضعية الانطلاق من الثبات Launch control الذي يُسمى في طرازات لامبورجيني بـ"Thrust mode"، وهو المسؤول عن توفير الكمية المثالية من قوة المحرك للانطلاق بالسيارة من وضعية الثبات بأفضل تماسك وأقل معدل لتدوير الإطارات والأهم هو "أسرع" نتائج.. مع العلم بأنّ هذا الصندوق يقوم بتوصيل قوة المحرك لنظام الدفع الخلفي للعجلات المُدعم بعلبة تروس تفاضلية من الفئة القابلة للانغلاق LSD، ليفهم محبّو الانجراف "Drift" أهمية هذا التجهيز الميكانيكي!
على الرغم من القوة "الأقل" التي يحصل عليها هذا الطراز فإن نظام الدفع الخلفي للعجلات الذي يحلّ بديلًا عن نظام الدفع الرباعي للعجلات الشهير للامبورجيني قد وفّر مقدارًا لا بأس من "الوزن"، مما سيؤثّر إيجابيًّا على الأداء العام للسيارة ويجعلها قريبة جدًّا من أداء النسخة الأقوى LP 610-4، طبعًا سيكون هناك "فارق" في الأداء العام.. ولكن مَن يهمّه هذا الفرق عندما تقود سيارة من لامبورجيني بدفع خلفي للعجلات! تستطيع أن تدفع السيارة إلى أقصى حدودها وتقوم "بالانجراف" بها بشكل مذهل مع مستويات "آمنة" وممتازة من التماسك والتحكم.
يستطيع طراز هوريكان LP580-2 التسارع من السكون إلى سرعة 100 كم/ساعة في 3.6 ثوانٍ ومن السكون إلى سرعة 200 كم/ساعة في 10.4 ثوانٍ، مع القدرة على الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ 320 كم/ساعة، وهذا مع تمكنه من التوقف التام من سرعة 100 كم/ساعة في مسافة قصيرة للغاية تبلغ 31.9 أمتار.
هذه الأرقام "جيدة" للغاية مقارنة بالنسخة الأقوى وذات الدفع الرباعي للعجلات من هوريكان "LP 610-4" التي تستطيع الوصول إلى سرعة قصوى تزيد على نسخة تجربتنا ذات الدفع الخلفي للعجلات بمقدار بسيط "325 كم/ساعة".. أما بالنسبة إلى التسارع من السكون إلى سرعة 100 كم/ ساعة وإلى سرعة 200 كم/ساعة فطبعًا ستتفوّق النسخة الأقوى وذات نظام الدفع الرباعي بشكل واضح، لتحتاج إلى 3.2 ثانية للوصول إلى سرعة 100 كم/ساعة و9.9 ثوانٍ للوصول إلى سرعة 200 كم/ساعة، ولكن كل هذا لمَن يهمّه هذا الفرق إن كان يريد الاستمتاع "بالانجراف" بسيارته اللامبورجيني!
تجربتنا مع لامبورجيني هوراكان كانت مُختلفة عن جميع الطرازات الرياضية التي قُمنا بتجربتها في عام 2016.. هذا الطراز يحمل شعارًا خاصًّا ومُميّزًا للغاية، وبالتأكيد يحمل روحًا خاصة.. لن تجدها إلا في طرازات لامبورجيني، فأنا لا أتحدّث عن الأداء الديناميكي وقوة السيارة وشكل قيادتها.. فأنا أتكلّم عن شكل تفاعلك مع السيارة ومع ردّ الناس مِن حولك.. فأنا كُنت أعتقد أن قيادة سيارة مِن لامبورجيني في مدينة مثل دبي "مُمتلئة" بجميع أنواع وأشكال السيارات المُبهرة سيكون سهلًا أو بمعنى أدقّ ستكون عملية "طبيعية".. فهذه هي السيارة المناسبة في المكان المناسب! ولكن الذي لاحظته ومع أوّل نصف ساعة لي في السيارة.. أن كل مَن حولي في الشارع ينظر إلى السيارة ويبتسم! الكل يبتسم والكل يصوِّر السيارة التي تعدّ حرفيًّا "أٌقلّ طرازات لامبورجيني سعرًا!" حتى أنني وجدت مجموعة من الشباب الوقور في سيارة من طراز بنتلي ينظرون إلى السيارة بإعجاب! بل وتوقّفوا لالتقاط صور لها! فأنا كأي "سائح" في دبي أشاهد الكثير والكثير من طرازات لامبورجيني.. وطبعًا يجب أن أبتسم وألتفت بل و"أحملق" في كل سيارة منها! لكني في النهاية من بلد توجد به هذه النوعية من السيارة بشكل نادر وواضح.. ولكن ما يدفع كل الناس في الدبي إلى الانبهار هذا الشكل وهذه السيارة! لتكون أولى الحقائق التي تعلمتها من هوراكان.. أن لامبورجيني هي السيارة الصحيحة إن كنت تريد "الاستعراض" وتريد لفت انتباه الجميع.. هذه السيارة تحمل شخصية مميّزة للغاية.. ليتم تأكيد فكرتي عند مقارنة رد فعل الناس في دبي برؤيتي بطراز أودي R8 V10 Plus الذي قُدته لمدة ثلاثة أيام.. والذي كان يأتي بلون أصفر مُبهر! لكن أغلب الناس لم يكترثوا بها على الإطلاق مقارنة بهوراكان.
الدرس الثاني الذي تعلّمته من هذه السيارة.. أنها مُصممة بصورة للاستخدام الرياضي "الصريح" خصوصًا على الحلبات، فالسيارة مُنخفضة للغاية، وكانت مُقدّمة السيارة "تحكّ" مع كل مطبّ صغير من مطبّات مدينة دبي الهندسية الرائعة "فتخيّلوا هذه السيارة على المطبّات والعوائق المصرية الأصيلة".. حتى إن السيارة كانت "تحكّ" عند نزولي من مواقف المجمعات التجارية.. لذا يجب عليّ "رفعها" عبر الضغط على زر خاص قبل الصعود على أي عائق أو النزول من المنحدرات الحادة.. ليكون أمرًا مزجعًا لي خصوصًا عند مقارنتي بتجربتي مع أودي R8 V10 Plus التي لم أواجه معها هذا النوع من المشاكل أبدًا.
مقصورة السيارة "مُبهرة" بمعنى الكلمة.. المقاعد المزيّنة بشعار ثور لامبورجيني وعجلة القيادة متعددة الاستخدامات التي يوجد بها زر اختيار وضعية التشغيل ما بين الوضعيات الثلاثة Strada وSport وأخيرًا وضعية Corsa الحماسية للغاية.. مع العلم بأن زر الاختيار بين الوضعيات المُختلفة يُسمى بـANIMA والتي تأتي اختصارًا لجُملة مُعقدة هي "Adaptive network intelligent management"، ولكن الأهم أن كلمة "Anima" بالإيطالية تعني "الروح".. أي أنّ هذا الزر يستطيع حرفيًّا التغيير من شكل و"روح" السيارة عبر الاختيارات الثلاثة.
أعجبتني أيضًا الأزرار التي تُرفَع لأعلى والتي ذكّرتني بالأزرار في الطائرات الحربية، خصوصًا زر تشغيل المُحرّك والكونسول الوسطي المرتفع الرائع! واستخدام جلد الألكانتارا بغزارة في المقصورة له رونق خاص.. المقصورة سترسم الابتسامة على وجهك أكثر وأكثر مع جلوسك أكثر في السيارة.. ويُمكن أن تكون شاشة عرض البيانات ذات قياس الـ12.3 بوصات من فئة TFT المُثبتة أمام السائق هي التجهيز الوحيد الذي لم يُعجبني، فهي تعرض لوحة العدادات الافتراضية ومعلومات نظام الملاحة الإلكتروني بشكل مزعج وغير منظّم خصوصًا عند مقارنتها بمثيلتَيْها في طراز أودي R8 V10 Plus الذي نعتبره الأخ غير الشقيق لهذا الطراز.
فتحات دخول الأبواب ضيقة نوعًا ما وليست مُصممة للدخول المريح لأصحاب الأجسام المُمتلئة مثلي، ولكني استطعت الدخول في النهاية للسيارة.. ولكن عملية الخروج منها كانت "مُحرجة" نوعًا ما.. فستحتاج إلى "التمرين" للدخول والخروج مِن هذا الطراز إن كنتَ مِن أصحاب الأجسام المُمتلئة.. أو سيكون عليك البدء في اتّباع حمية غذائية والذي سيكون أمرًا مفيدًا وسيساعدك على الدخول إلى سيارات رياضية أكثر من هذه الفئة! ولكن في النهاية أستطيع أن أجزم أن عملية الدخول والخروج من طراز أودي R8 V10 كانت أسهل كثيرًا.
ببساطة أستطيع أن أجاوب عن الشق الأول من السؤال اختصارًا بكلمة "لا".. هذا الطراز سريع ومُبهر للغاية بالنسبة إلى الكثيرين! ولكني لم أشعر أني "أريد امتلاكه بأي شكل من الأشكال!".. لا أستطيع أن أقول أني أفضّله عن بورشه 911 تربو S.. أو أودي R8 V10 Plus.. هو طراز رائع بشخصية فريدة وبقوة أكثر من كافية.. لكني لم أستطِع أن أمنع نفسي من التفكير في طراز أفانتادور "العظيم" من لامبورجيني مع كل دقيقة لي في هذه السيارة! فأنا أحبّ السيارات الرياضية.. أحبّ القيادة الديناميكية.. أحبّ "الإبهار".. وهذه السيارة مُبهرة في نقاط كثيرة لكن ليس في "شكل" حركتها أو "عُنف أدائها".. هذا الطراز في العموم هو "الرغبة الثانية" أو الاختيار "الأقل سعرًا" من لامبورجيني.. لامبورجيني بالنسبة إليّ هي سيارة أبوابها تفتح إلى أعلى مع محرّك من 12 أسطوانة V12 خلفي! مع قدر مِن "العنف" المُفرط مع وجوب احترام القيادة بحذر، وهو الأمر الأقل كثيرًا في هوراكان.
هذه هي انطباعاتي "الشخصية" بالنسبة إلى ذوقي.. ولكن في النهاية يجب أن أعترف أن موديل هوراكان يأتي بمستوى يليق بشعار وتاريخ الشركة وسيرسم الابتسامة على وجهك طوال الوقت.. هذا الطراز سيُفرحك وسُيفرح مَن حولك.. العيب الوحيد فيه أنه الأخ الأصغر والأقل قوة من أفانتادور.. المُشكلة في مستوى "إبهار" أفانتادور الذي أضعه في مكانة خاصة في قلبي، وأعتقد أن الكثيرين مِن محبّي السيارات يضعونه في نفس المكانة وبنفس الاحترام.. ولكن ولمرة أخرى.. تستطيع العيش بسعادة غامرة والحصول على أداء ديناميكي قريب بل ويتفوّق على الكثير من طرازات بورشه وفيراري.. ولكنه بالتأكيد يأتي في مرتبة أعلى في الإبهار "البصري" من طرازات بورشه بالطبع.. وفي منزلة مُساوية لطرازات فيراري.. ولكن طراز أفانتادور في مرتبة أخرى أعلى لا تنافسها -مِن وجهة نظري- في مستوى الإبهار البصري إلا طراز فيراري La Ferrari!